لم يفتني يوم محاكمة الناشط والنقابي السيد ياسين زايد أن ادقق النظر وأطيل التمعن في تحركات وتصرفات رجال الأمن , على اعتبار أنهم طرف في النزاع , وأي طرف أيضا , نزاع تحول فيه الجلاد إلى ضحية بقدرة قادر..! , و ضحية أتهم بتهمة جائرة بشهادة شهود… كاد على إثرها أن يبقى في ظلمة السجن بظلم ظالم ومن هو الظالم…! , لا لشيء سوى لكي ” ما يزعفش منهم السي الهامل “…!
تحركات رجال الأمن لم تعر أي اهتمام لطبيعة المحاكمة التي تبادل فيها أطراف النزاع التهم , أحد هده الأطراف هي الشرطة التي كان الأجدر بها أن تراعي القانون و الشرع والتعليمات… إن كانت هناك تعليمات أصلا… ! , و ما قولي لهدا سوى نتاج ما لاحظته يومها من تجاوزات و خروقات لقوانين الدولة والدستور , أبطالها حماة الوطن والأوصياء على تطبيق تلك القوانين….! دون أدنى خوف من سلطة القضاء…!, ومافتئ تعجبي ” يتكسل ” حتى صدر الحكم الذي فهمت بعده أن القضاء في خدمة الأجهزة وليس في خدمة المواطن …
البداية كانت مع محافظ للشرطة منعني من الدخول إلى قاعة المحاكمة رغم أنني شاهد حسب من دعني لشهادة أجبرني عملي أن أكون فيها , وأصر على عدم دخولي رغم أنني كنت أحمل أيضا بطاقة مهنية تدل على أنني صحفي ومن حقي تغطية هده المحاكمة …!, وعلى اعتبار أنه ربما يكون على حق بعد تلقى تعليمة من النيابة بعدم إدخالي للقاعة حسب معلوماتي , لم يكن من حقه أن يصفني “بالحمار ” ولم يكن من حقه أن يهددني باستعماله جملتي ” أشفى عليها ” ودرك نجيبها وراك نوريك شكون أنا ” … ولم أكد أن أنتهي من تفسير هاتين الجملتين حتى سمعته يقول للنائب في البرلمان الجزائري “أنت برلماني ومن بعد …! دز معاهم “ حتى تيقنت أن هدا المحافظ قليل الأدب أو بمعنى أوضح “موش متربي ” ….
أصر الدفاع على دخولي قاعة المحاكمة …وبعد أن أقرت القاضية بوجوب سماع شهادتي أدخلت إلى الجلسة رغم انف دلك المتعجرف , … تأكدت القاضية من هويتي وأمرت بعزلي رفقة الشهود الأربع الباقيين حتى لا نستمع إلى وقائع المحاكمة ,ربما لكي لا نتأثر بما سيدور فيها …. فعلا عزلنا نحن المدنيين أما الشرطة فلا فقد كان هناك من يخبرهم بمجريات القضية ويصر عليهم بأن يقولوا كدا ولا يقولون كدا…. , بل كانوا واقفين خلف الباب ل ” التلصص” وسماع ما يحدث داخل الجلسة…! , في مظهر يوحي إلى أنهم لصوص وليسوا شرطة… لكن الحمد لله أنا كنت متأكدا من أنهم رجال أمن – للأمانة -….!
ذهابا وإيابا كانت دهاليز المحكمة أين كنت معزولا أشبه بالثكنة في حالة الطوارئ … رجال امن من كل الأجهزة يصولون ويجولون داخلها لكن كان يوحدهم زي الشرطة الأزرق ,… لا تسألوني كيف عرفت أنهم من أجهزة أخرى غير الشرطة ,اسألوني عن مدى ذكاء رجال كان الأجدر بهم أن يحمونا باستعماله لكنني التمست لهم العذر فمظهري لا يوحي إلى أنني إنسان يستطيع أن يلاحظ السراويل الضيقة والأحذية الكبيرة على أقدام بعضهم , وأخريين لا يجيدون الحركة والمشي بهندام لم يتعودوا عليه …! ذكروني في طفولتي وفي كل مرة أقتني فيها حذاء جديد ….!
كان الجميع طبعا يستفزنا باستعمال نظرات حادة ترجمتها واضحة وجلية ” الليلة ليلتو” والقضاء ديالنا …ديالنا ” … طبعا أنا كنت على استعداد تام لتقي تلك الهجمات على اعتبار أن عزلي عن القاعة كان لأكثر من مجرد عدم تأثري بمجريات القضية , وإلا لكنت تشرفت بدخول احد مكاتبهم الجميلة الراقية بدل الجلوس مع الموقوفين ….! ببساطة لأنني في ورقلة …!
موقوفون في إطار التحقيق لم يوجه لهم وكيل الجمهورية التهم بعد, بل لم يعرضوا عليه حتى …. يعاملون معاملة المجرمين…آه عفوا “الحيوانات “…للأسف إنها الحقيقة… أحدهم طلب الماء فأجابه شرطي برتبة مساعد أول ” كي تروح للحبس أشرب “… ! نصب نفسه قاض للتحقيق في ثوان ….وآخر طلب الذهاب إلى بيت الخلاء فأصر الشرطي على أن يذهب موثوق يدا بيد مع متهم آخر , والمفاجئة أن الشرطي اشترط عليهم الدخول معا أو العودة إلى “السيلونة ” و الانتظار حتى “يروحوا للحبس ” …! ” قاض تحقيق واحد آخر يجيب فالوقت ” … ! الجميع يدخن في المكان الذي كنت أجلس فيه إلا أنا منعت من فعل دلك لأنني شاهد ..! ورغم أنني فهمتها طلبت من احد المحامين الوقوف إلى جانبي لأحدثه في أمر ما لأغتنم فرصة وجوده لإشعال السيجارة …كان “قالب ” محكم في ظل وجود أشخاص أحسست أنهم بصدد استفزازي لتوريطي آو إعاقة شهادتي رغم أنني لست الشاهد الرئيسي… لكن خابوا وخاب مرادهم ….
والمزيد المزيد من التجاوزات التي اخشي ذكرها و أنا في مثل هكذا مقام و أيضا بسبب أنني من ورقلة “بلاد الحقرة “….
شرطي يسب ويهين موقوف قبل حتى أن توجه له تهمة معينة يحتمل فيها أن يكون بريئا….! , وآخر يمنع الماء عنه….! , وآخر يهين شاهدا وكأنه أجرم بشهادته … !, وآخر في رتبة محافظ يهدده أمام الملء , قبل أن يهين نائبا في البرلمان يفترض انه هو من يشرع لمثل هكذا “مخلوقات ” القوانين التي يستوجب عليهم أن يحرصوا على تطبيقها وسيرها الحسن…! , و آخر أيضا لم تفته فرصة أن يصفني بالأحمق لأنه طلب مني الوقوف و أنا في عزلة الجلسة كشاهد …! غير أنني أجبته قائلا : أنا في ضيافة “القضاء” وليس الأمن بعد تأكدي من انه يريد بفعلته هده التجرؤ علي ….للأسف ابتسامته الساخرة من كلمة “قضاء” هي من دفعت بي لكتابة هده الأسطر ……
كل هدا حدث في أقل من ساعتين قبل أن أدلي بشهادتي…. في ورقلة يا “سي الهامل ” الدعوى راهي هاملة …., وداخل المحكمة يا ” سي شرفي” الأمور ماتشرفش…. , وما يحدث في الإدارة المحلية ليست له قابلية يا سي”قابلية “…., والإنسان ما يسواش اللبسة لي يلبسها في ورقلة يا “سي قسنطيني ” ……
لو كان الأمر بيدي لغيرتكم وغيرت سياساتكم ونظام حكمكم…. , أما وانه بيدكم فها أنا أخبركم علكم لا تقبلون بمثل هكذا تصرفات….! أما وإن كان العكس فالله وكيلكم في الدنيا أو ناظركم إلى يوم تبعثون , أما نحن فإنما ولينا الله الذي انزل الكتاب وهو يتولى الصالحين منا ….
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/10/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : المداني مداني
المصدر : www.algeriatimes.net