الجزائر

وماذا عن عنف المرأة ضد المرأة؟!



وماذا عن عنف المرأة ضد المرأة؟!
هل يكفي تجريم العنف ضد المرأة بقوانين، لتتوقف الاعتداءات على النساء؟ ثم لماذا يرفض الإسلاميون قانونا كهذا؟ هل عملا بالحديث المشكوك في صحته “اضرب زوجتك، فإن لم تكن تعرف أنت لماذا، فهي تعرف لماذا”؟ أم عمل بتلك التخاريف السلفية التي تدعو إلى العنف ضد النساء، مثلما يقول أحدهم “اضرب زوجتك حتى تعرف أنك أعلى منها مرتبة”؟!جميل أن تحمى المرأة بقوانين من تلك التحرشات التي تواجهها كل يوم في الشارع، وفي أماكن العمل والمدرسة، وفي البيت أحيانا كثيرة، فهذه إحدى ثمرات نضالات المرأة الجزائرية منذ الاستقلال إلى اليوم. فالعنف ضد النساء ما زال جرحا غائرا في جسد المجتمع الجزائري، فقد صار ومنذ سنوات الأزمة الأمنية تحديدا العنف اللفظي والجسدي الصورة السائدة يوميا في الشارع الجزائري، وكأن المرأة التي تخرج للعمل أو للدراسة أو حتى للتنزه أو التسوق هي مباحة للجميع، وكأنها بدون كرامة، ومن حق الذكور في الشارع أن يعتدوا عليها ما دامت لم تصن كرامتها في البيت.هذه الظاهرة صارت الثقافة السائدة في مجتمع صار وبسبب تعاظم التيار الإسلاموي يمقت يوما بعد يوم مساحة الحرية التي كسبتها الجزائرية، وصار الفاشلون في المدارس والحياة من الرجال يفشون سخطهم عليها وكأنها هي من سرقت فرصهم في الدراسة أو العمل. ولذلك سمحوا لأنفسهم بالاعتداء عليها، لأنهم لا يملكون غير القوة الجسدية.المؤسف أن الكثير من النواب تحت قبة البرلمان أثناء مناقشة هذا القانون كانوا بعيدين كل البعد عن الواقع المر الذي تواجهه النساء في الشارع، خاصة مثلما أسلفت في التيار الإسلاموي الذين انتقدوا بشدة مشروع القانون وطالبوا بسحبه.لكن هل تكفي ترسانة من القوانين لحماية النساء من “الكراهية” الاجتماعية ضدهن؟! أليس المشكل يكمن أولا في الأسرة ثم في المناهج التربوية التي مازالت تحتقر المرأة؟فكل المصائب تأتي أولا من الأسرة، التي ما زالت تعطي الذكر مكانة مميزة وتوهمه من صغره بأنه هو الرجل وله حق على جسد وحياة ومصير أخواته البنات بل وحتى على والدته؟مازالت العقلية الاجتماعية السائدة في كثير من الأسر أن الابن الذكر له كل الحقوق، والاستماع بالراحة، بينما البنات في الأسرة من واجبهن خدمة هذا الأخ، تطبخ له وتغسل ثيابه وأحيانا يتصرف حتى في راتبها، وإن لم تقبل سيمنعها من العمل؟ فهل القانون الجديد يأخذ هذا النوع من العنف بعين الاعتبار؟المشكلة هي مشكلة تربية بالأساس. صحيح أن القانون سيحمي الفتيات خاصة في الشارع، لكن من منهن قادرة على كسر حجز الخوف للتوجه إلى العدالة وطرح مشكلتها أمامها؟ فالوقوف أمام العدالة يعتبر في حد ذاته لدى الكثير من العقليات جريمة، هذا إذا لم تصبح وصمة عار لأنها هي من جلبت “البلاء” لنفسها سواء بسبب لباسها أو لأن الشارع ليس مكانها وإنما مكانها البيت؟ فمن يحارب هذه النظرة؟ فأصل الداء هو هذا.وتغيير أساليب التربية داخل الأسرة مهم، ولن يكون إلا بفرض احترام الأخ لشقيقته، والدور على الأم أساسا، على الأمهات أن يكسرن سلسلة الظلم ضد المرأة المتوارثة عبر عصور، فكثيرا ما تطبق الأم الظلم الذي تعرضت له على بناتها وكناتها، وهكذا تتوارث الجريمة أما عن جدة.قانون تجريم العنف ضد المرأة مهم، ولكن يبقى غير كاف، مادام عاجزا عن حماية النساء داخل أسرهن من مثل هذه العقليات؟! نشرت بتاريخ 5 مارس 2015




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)