الجزائر

ولا نتنياهو انتصر؟!



لم ينتصر هتلر بعد مقتل 50 مليون ضحية
ولا نتنياهو انتصر؟!
بقلم: الطيب بن ابراهيم
بدأت هدنة غزة بداية صبيحة يوم الجمعة 24 من شهر نوفمبر الجاري وهي مجرد استراحة محارب للتفكير واستعادة الأنفاس ودفن الأموات واستخراج من هم تحت الأنقاض ولملمة الجراح وتفقد الجرحى والحرب سجال في غزة لم تبدأ مع غزوة طوفان الأقصى ولم ولن تتوقف عندها ما دام الاحتلال موجودا على الأرض.
والفلسطينيون توارثوا الحرب أبا عن جد منذ بداية الاحتلال وأول مذبحة كانت بدير ياسين مع بداية الاحتلال سنة 1948 وما تلاها يعد بالعشرات لكن حرب غزة الأخيرة كانت الأقوى والأفدح في خسائرها وعدد ضحاياها ودمارها في حق سكان القطاع الذين بلغ عدد ضحاياهم الخمسة عشر ألف (15 ألف)شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمعطوبين والمصابين والأيتام والأرامل. وشنت هذه الحرب الوحشية كرد فعل انتقامي على الإهانة المذلة التي لحقت بإسرائيل كدولة متعالية ولجيشها الذي ادعى أنه لا يقهر وصفعة مدوية لأجهزة استخباراتها ويدها الطولى في المنطقة وتجنيدها لمئات العملاء في المنطقة وحتى داخل غزة ولم تجد إسرائيل مبررا يقنع أحدا من شعبها ومن مناصريهاوهم كثرفي أوروباوأمريكا وحتى في الوطن العربي فكان رد فعلها انتقامي كضماد لجرحها الذي لا ينسى.
لو كان الانتصار يقاس بعدد الضحايا بين المتحاربين لما تجرأ أحد عبر التاريخ أن يُقبل على مواجهة من هو أقوى منه بالعدد والعدة ويرد حقه من طرف جبار معتد كان شخصا أو قبيلة أو دولة أو حلفا لأن عدد ضحاياه يكون مرتفعا ولكن القاعدة التاريخية أن صاحب الحق مستعد للتضحية أكثر على مذبح الحرية من أجل تحقيق الانتصار ولولا التضحية ما استردت الحقوق وما تحررت الأوطان وما طرد الغزاة والحرية تفتك بالقوة ولا تهدى ولا تباع ولا تشترى بالمال.
الحرب بكل أبعادها وحساباتها ونتائجها ودمارها وخسائرها لا تقاس بمنطق عدد ضحاياها من الطرفين وأن من كانت ضحاياه أقل فهو المنتصر ومن كانت ضحاياه أكبر فهو المنهزم خاصة بين المحتل والمقاوم بمعنى أن من كان سلاحه وعدته وعدده متفوقا وارتكب المجازر وكان عدد ضحاياه أقل فهو المنتصر كحال إسرائيل اليوم في غزة أو كحال الجزائر أمس مع فرنسا وأن الضحية الذي دفع من شهدائه الآلاف أو الملايين فهو المنهزم ولو عدنا للتاريخ لوجدنا عشرات الأمثلة بل مئات الأمثلة على ذلك فمهما بلغت قوة وجبروت المعتدي التي دفعته لارتكاب جرائمه في حق من هو أضعف منه من دول أو شعوب ومهما ملك من أنواع الأسلحة وأحدثها ومهما بلغ عدد ضحاياه سواء كانوا بالآلاف أو الملايين ومهما طال بقاؤه وسيطرته على المظلومين فذلك إلى حين وليس انتصارا ويمكننا أن نضرب مثلا بقوة هتلر أثناء الحرب العالمية الثانية التي خلفت 50 مليون ضحية كان منها 20 مليونا من الاتحاد السوفييتي وحده فهل معنى ذلك أن هتلر كسب الحرب وأن الاتحاد السوفييتي خسرها؟ وأن بقية ضحايا هتلر في أوروبا خسروا الحرب بسبب عدد ضحاياهم؟ وأن هتلر كان هو المنتصر؟ أبدأ كانت النتيجة هي هزيمة هتلر وألمانيا هزيمة لم تعرفها من قبل واحتلت أراضيها وقسمت دولتها بين المنتصرين بل قُسمت حتى عاصمتها إلى مدينتين وفقدت سيادتها في اتخاذ قراراتها ووجدت قوات احتلال على أراضيها وذُلّت وكان الانتصار للاتحاد السوفييتي والحلفاء على النازية ومن معها.
ومباشرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية احتفل العالم بانتصار الحق على الباطل يوم 8 ماي 1945 واحتفل الشعب الجزائري كبقية شعوب العالم بذلك الانتصار الذي شارك فيه ولو تحت الوصاية الفرنسية وطالب باستقلاله لكن فرنسا تنكرت لوعودها وغدرت بمن وقف لجانبها وتحولت لنازية أخرى ولهتلر آخر وارتكبت ما لم يرتكبه هتلر في حق الجزائريين وحولت الاحتفال إلى مذابح وفي ظرف قياسي وخلال أسبوع واحد قتلت خمسا وأربعين ألف (45) جزائري وكان الغرب اللعين كعاته أصم وأبكم وأعمى لأن الضحايا جزائريون كما هم اليوم فلسطينيون بينما غلطة هتلر أن ضحاياه كانوا من الرجل الأبيض كانوا أوروبيين ولو كانوا غير أوروبيين أفارقه أو آسيويين ما سمع بهم أحد!!!
فهل مذابح فرنسا في الجزائر وعلى مدار 132 سنة وهي بالملايين أخافت أو أوقفت الجزائريين عن المطالبة بالحرية وطرد المحتل وتقديم المزيد من الشهداء؟ وهل كانت فرنسا هي المنتصر بسبب ارتفاع عدد ضحاياها في الجزائر وهي التي كانت تدعي أن الجزائر أرض فرنسية تماما كما تدعي اليوم إسرائيل أن فلسطين أرض إسرائيلية. وفي الأخير هزمت فرنسا هزيمة مدوية فككت إمبراطورتيها. ورغم ارتفاع عدد ضحايا الفيتنام أمام حرب أمريكا كان الفيتناميون هم المنتصر ورغم ارتفاع عدد ضحايا الأفغان باللامس القريب أمام أمريكا أعتى قوة عسكرية في العالم كان الأفغان هم المنتصر.
في مواقف تحرير الأوطان لا يقاس النصر والهزيمة بأعداد الضحايا ومن قتل أكثر فهو المنتصر ومن ضحى أكثر فهو المنهزم بل يقاس النصر والهزيمة بعدم الاستسلام والتواصل وطول النفس والصمود حتى تحرير الوطن وهو ما حدث في الجزائر على مدار 132 سنة وهو ما سيحدث إنشاء الله في فلسطين ولو بعد حين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)