كي نحكم على أي رئيس دولة أنه ديمقراطي، لا يكفي أن يصرح بذلك، لأنه كم من مدع للديمقراطية وهو يمارس نقيضها، ولا يمكن لنا أن نحكم على ذلك إلا من خلال عدة عوامل وهي: ذهنية وثقافة الشخصية المدروسة وطريقة وصولها إلى السلطة ونظرتها إلى المعارضة ومدى احترامها للحريات وحقوق الإنسان وحرصها على فصل السلطات، وكذلك طريقة بنائها للدولة ومؤسساتها. وتعد طريقة الوصول إلى السلطة عاملا رئيسيا في تحديد كل العوامل الأخرى، لأن الكثير من الذين يأخذون السلطة بالقوة فإنهم يعتبرون ما أخذوه ملكية لهم لابد من الدفاع عنها بشراسة ضد كل من يحاول الاقتراب منها، فيحولون الدولة بذلك إلى ملكية شخصية، ويعتبرون المعارضة عدوا شرسا يسعى لأخذ الدولة - الخاصة بهم، فيعاملونها بقسوة ووحشية.
لا يمكن أن ينفي أي كان أن بومدين قد أخذ السلطة بالقوة، وهذا ليس فقط بانقلابه على بن بلة عام ,1965 بل كان وراء أول انقلاب وقع في الجزائر عام 1962 ضد الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، لكنه اختفى حينها وراء رمز تاريخي هو بن بلة، لأنه لم يكن معروفا لدى الشعب، وعند أخذه السلطة دفعته عدة عوامل إلى التفرد بها، ومنها ثقافته السياسية والظروف السائدة آنذاك، كما أن هناك عاملا آخر وراء هذا السلوك البومديني، ويتمثل في إيمانه الشديد بالمبدأ الاشتراكي والعدالة الاجتماعية، فقد تأثـر بالصراع الأيديولوجي السائد عالميا آنذاك حول لمن الأولوية: للعدالة الاجتماعية أم للديمقراطية، وقد أخذ بومدين بأولوية العدالة الاجتماعية معتبرا مثل الكثير من المتأثرين بالماركسية آنذاك بأن الديمقراطية مرتبطة بالرأسمالية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/12/2012
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : الدكتور رابح لونيسي لـ''الخبر''
المصدر : Elkhabar 27/12/2012