الجزائر

وقفة بين عامين



قبل أيّام، ودّعنا عاماً هجرياً واستقبلنا عاماً هجرياً جديداً، جديرٌ بنا ونحن على رأس عام جديد أن نقف وقفة تأمّل واعتبار، نقف وقفة الإنسان المحاسب لنفسه على سنة كاملة مضت من عمره. والمسلم يحاسب نفسه باستمرار، بل يغلّظ الحساب على نفسه، في حين يتسامح مع غيره ويلتمس لهم المعاذير، حتّى إن بعض السّلف كان يقول: ''إنّي لألتمس لأخي من عذر إلى سبعين عذر، ثمّ أقول: لعلّ عذراً آخر لا أعرفه''. هذا هو موقف المسلم مع إخوته المسلمين، وإن أخطأوا في حقّه وإن جاروا عليه، يلتمس لهم الأعذار، ولكنّه مع نفسه يحاسبها أدقّ ما يكون الحساب. وقد قال سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ''حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن تُوزَن عليكم''... نقف على رأس العام هذه الوقفة المتأنيّة، وقفة محاسبة أشبه ما تكون ما يسمّونه في عالم المال والميزانيات بالحساب الختامي لعمل سنة كاملة، فالسنة اثنا عشر شهراً، والشهر ثلاثون يوماً، واليوم أربع وعشرون دقيقة، والساعة ستون دقيقة، إنها سنواتٌ وشهور وأيّامٌ وساعاتٌ مرّت علينا، سنُسأل عنها يوم القيامة، فلا بدّ من محاسبة النفس.
وقد كان النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، أحفظ النّاس لوقته، وهو الّذي كان يقول: ''نِعمتان مغبونٌ فيهما كثير من النّاس: الصحة والفراغ''. وفي سنن الترمذي أنّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''اغتنم خمساً قبل خمس: شبابَك قبل هرمك، وحياتَك قبل موتك، وفراغَك قبل شغلك، وصحّتَك قبل مرضك، وغناك قبل فقرك''. عامٌ مضى بأعمارنا وأعمالنا، وسيكون شاهداً لنا أو علينا عند الله تعالى، وعامٌ جديد أتى يقول لك: يا ابن آدم، اغتنمني في الحسنات وفي الصّالحات وفعل الخيرات، فإنّي إن ذهبتُ عنك، لا أعود إليك أبداً.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)