الجزائر

وعي سياسي بعد المعاناة والمقاطعة



إن الأزمة تلد الهمة ،و لا يمكن لأي كان أن ينكر أن الشعوب مهما استسلمت للأوضاع الخاطئة و غير السوية سيأتي لا محالة اليوم الذي تتحرر فيه من قيود الاستبداد و الخضوع إلى سياسة الأمر الواقع الممارسة عليها ،و تثور و تنتفض على لأوضاع القائمة و من يصنعون تلك الأوضاع في الخفاء و يحركون خيوطها من وراء ستار السياسة و الاقتصاد و المال و الأعمال ،كما أن الشعب الجزائري لا يختلف عن سائر الشعوب في هذا المجال ،و هو لم يكن غافلا عن ممارسات الفساد و السطو على المال العام ، و استغلال النفوذ و السلطة المبالغ فيه من طرف رجال سياسة و مال ركبوا موجة الفساد ، بل حولوا الجزائر بكل مؤسساتها و مرافقها الإدارية و المالية و الاقتصادية و التربوية إلى نموذج للفساد يمارس يوميا على رؤوس الأشهاد ، و على الملأ من قبل من هم في هرم السلطة وصولا إلى ابسط عامل و موظف إلا من رحم الله خلال السنوات الأخيرة حيث أنه في أجواء و مناخ على هذه الدرجة من التعفن ظل الشعب يقاوم ،و منه فئة الشباب الذي نال نصيب الأسد من الظلم و الحرمان من أبسط الحقوق ، و عانى الكثير من التهميش و الإقصاء لسنوات و ظل بعيدا عن السياسة ليقينه أنه لا مكان له فيها بل أبعد من ذلك كان الشباب هو الغائب الأكبر في المواعيد الانتخابية بعد أن فقد الثقة في رجال السياسة الذين لم يكونوا يمثلون الشعب و رفضا منه للتزوير الذي كان يلازم الانتخابات ، إلى أن جاء الحراك الشعبي الذي دخل يوم أمس الجمعة أسبوعه الثامن عشر الذي تبناه الشعب الجزائري بأكمله و رفع عبره مطالبه إلى من يهمه الأمر و بيده القرار و الحل و الربط في الجزائر ،و ضم الشباب الذي أكد على إصراره على مواصلة المسيرات إلى أن تتحقق مطالب الشعب .إن مساهمة الشباب في الحراك الشعبي الذي أصبحوا يمثلون فيه العصب المحرك ، و ربما القاطرة التي تحرك القطار تبرز بما لا يدع مجالا للشك أو المزايدة مدى الوعي السياسي لشبابنا ،و القطيعة مع الفترة التي قاطع فيها الشباب الجزائري طوعيا السياسة ، لكنهم أدركوا اليوم أن الفساد قد استأسد في البلاد ، بل اجتاح كل مكان على حساب حقوق الشعب في حياة كريمة، و الشباب في منصب عمل بعد سنوات الدراسة و التكوين ،و فرص للمساهمة في بناء الجزائر التي لا تحتاج لا إلى المال و الثروات و لا إلى اليد العاملة و العقول التي تدير دواليب العمل و التنمية للنهوض بالوطن و تحقيق التطور الصناعي و التقدم الاجتماعي و الثقافي ،و لهذا وجبت اليوم مواجهة و إدانة هذا الفساد و التنديد بمن ظلوا يمارسونه لسنوات عديدة ، هي ضرورة يفرضها الوضع الحالي للجزائر و الحراك الشعبي أصبح نوعا من ممارسة السياسة من خلال المطالب السياسية التي يحملها ، كما أنه يحتضن مطالب الشباب و تطلعاتهم إلى غد أفضل و جزائر تتفتح فيها مواهبهم من خلال شعارات مسيرات الجمعة الحاشدة عبر كل ولايات الوطن الحراك ،و كذا مسيرات الطلبة كل يوم ثلاثاء.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)