الجزائر

وعدة عسلة بالنعامة



وعدة عسلة بالنعامة
تعيش بلدة عسلة شرق ولاية النعامة اليوم الخميس على وقع فعاليات التظاهرة التراثية وعدة سيدي أحمد المجدوب التي تعد واحدة من العادات المتوارثة منذ عقود و التي تجسد مشاهد من قيم التضامن والتكافل الذي يتميز بها سكان المنطقة حسبما لوحظ.وتعتبر هذه الوعدة التي تتواصل على مدار ثلاثة أيام أهم التظاهرات الإجتماعية والدينية الكبرى التي تشهدها المنطقة وهي نقطة إلتقاء الزوار عند ضريح هذا الولي الصالح (1493 1571 ) الذي تم تزيين قبته حيث تقوم مجموعة من الحفظة بتلاوة القرآن الكريم ويحظى هذا الضريح بزيارة مئات المواطنين الوافدين من كل أنحاء الوطن بل وحتى من خارجه.ويتميز هذا الموعد الديني بتلاوة القرآن العظيم في حلقات تسمى محليا ب"السلكة" التي تشرف عليها الزاوية التي أسسها أحفاد قبيلة المجادبة في 1875 ليتم ختمه في الساعات الأولى لنهار غد الجمعة.وتعتبر هذه التظاهرة الدينية و الثقافية مناسبة تجعل من منطقة عسلة مركز التقاء للعديد من مريدي و أتباع الزوايا و الطرق الصوفية من مختلف مناطق غرب الوطن.زاوية سيدي أحمد المجدوب... مركز إشعاع علمي و دينيومنذ أكثر من قرن يجري إحياء هذه المناسبة و الإلتفاف حول الزاوية التي لعبت دورا كبيرا في نشر العلم ومحاربة الجهل و التخلف في المنطقة و للمناسبة أيضا دور في الحفاظ على تراث ثقافي للقاطنين بالجهة والوافدين إليها و المتمثل في تنظيم زيارات إلى زاوية سيدي أحمد المجدوب للتبرك حيث لا يزال هذا المنبر الديني منبع روحي و ديني لطلب العلم إلى يومنا هذا كما أكد لوأج مسؤول الزاوية الطيب هربل.ويحي منظمو الوعدة عادة المعروف عقب صلاة الجمعة (حلقة الدعاء الجماعي) بالساحة الكبرى المعروفة بالطحطاحة التي تلتقي بها مئات الحناجر و ترفع الأيادي تضرعا إلى الله عز وجل طلبا لصلاح البلاد و العباد و نزول الغيث و أن يعم الجميع الخير وهي عادة راسخة توارثها أبناء المنطقة جيل بعد جيل حسب ما أشار إليه الحاج حيدار أحد أعيان المنطقة.وعدة عسلة ... تحولت إلى تظاهرة ثقافية واقتصادية متنوعةوقد تحولت تظاهرة عسلة مع مرور السنوات إلى موعد ثقافي واقتصادي أيضا لكن بعدها الإجتماعي يبقى الأهم لكونها فرصة للتعارف بين الزوار من مختلف جهات الوطن وموعدا للصلح بين المتخاصمين إضافة إلى توفيرها لأجواء لم شمل مختلف القبائل وعقد القران وإقامة الإتفاقيات التجارية وأيضا تحضير موسم البذر مثلما ذكر من جهته الدكتور خليفة بن عمارة وهو باحث في تراث المنطقة.وتمثل هذه الوعدة التي يستمتع كل من حضرها برقصات العلاوي والحيدوس ورياضة العصي وغيرها من الفنون والطبوع كذلك ملتقى لشعراء الملحون الذين نظموا عدة قصائد تتحدث عن خصال هذا الولي و تصف شهرته كرجل دين وورع حيث لا تزال الزاوية التي تحمل إسمه وإلى يومنا منبر علم وزهد وتصوف يقصدها الطلبة لتعلم أصول الدين وحفظ القرآن الكريم ومتون الحديث النبوي الشريف.و تمارس في هذه التظاهرة أنبل صفات الجود والكرم ويتجسد ذلك في نصب عشرات الخيم لإطعام الوافدين حيث لا يمكنك أن تجد المطاعم المتنقلة أو القارة فكل من يقصد الوعدة فهو ضيف محبوب مكرم .وتتميز المناسبة بإشتراك عدد من الميسورين من مختلف القبائل و الأعراش الحاضرة كالمجادبة و حميان وأولاد سيدي بوتخيل وأولاد نهار والطرافى و أولاد زياد و السندان و الغياثرة والرزاينة وغيرهم في اقتناء رؤوس من الغنم ونحرها لإعداد أطباق الكسكسي و توزيعها على الزوار الوافدين لحضور المناسبة في مظاهر تضامنية تعبر عن التآزر بين السكان.و لا تخلو الوعدة من مظاهر فرق الخيالة التي تؤدي ألعاب الفروسية التي تجلب الكثير من المتفرجين ويتم خلالها تقديم أحسن الإستعراضات و مهارات الفرسان من كل عرش ويتشكل مشهد رائع بالمكان يمتزج فيه صهيل الأحصنة بطلقات البارود و زغاريد النسوة.الوعدة .. فرصة للمحافظة على الموروث وترقية الصناعة التقليدية المحليةيتوخى منظمو التظاهرة من خلال توجيه الدعوة لعشرات الفرق من ما يعرف بالعلفات أو نوادي ألعاب الفنتازيا من عدة ولايات على غرار تلمسان و تيارت و سعيدة والبيض و معسكر و غيرها إلى ترقية ثقافة تربية الخيول باعتبارها موروث ثقافي و كذا إحياء الأنشطة و الحرف المرتبطة بالبادية والتربية الحيوانية كما أوضح رئيس لجنة تنظيم هذا المهرجان التراثي حشيفة سليمان.و تحتضن المنطقة تزامنا مع المناسبة معرضا لمختلف المنتوجات التقليدية على غرار الفخارو الزرابي و الحلي التقليدية ومنتوجات العسل و الحلويات التقليدية و كذا منتجات التمر حيث يشكل هذا المعرض الذي تنظمه غرفة الصناعات التقليدية و الحرف بالتنسيق مع بلدية عسلة فرصة لإبراز الدور الذي قد تلعبه الصناعة التقليدية والمنتوجات المحلية في ترقية السياحة مثلما أكدت ممثلة الغرفة بلحاشي حليمة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)