الجزائر

هوامش تحرير الذاكرة..



هوامش               تحرير الذاكرة..
رغم القيمة الرمزية للثورة التحريرية، إلا أنها لم تعد تمثل الشيء الكثير بالنسبة للأجيال الجديدة التي يبدو أنها أصيبت بأمنيزيا مزمنة، لا يمكن معها للذاكرة أن تستعيد الفاتح نوفمبر بالشكل اللائق، بهذا المنجز التاريخي والإنساني الذي شكّل حدثا استثنائيا ضمن السياقات التاريخية التي حدث فيها..  فإلى ما نعزو هذا الانقطاع والقطيعة بين جيل نوفمبر وما بعده من أجيال؟  ثم لماذا عجزنا عن تحويل الثورة الجزائرية إلى مخيال خلاّق قادر على إعادة إنتاجها في شكل نصوص شعرية وروائية ترقى إلى أهميتها من الناحية الجمالية.. إن الأعمال الفنية التي استلهمت الثورة التحريرية، على قلّتها، كانت أكثر تأثيرا في مخيلة الأجيال الجديدة من كثير من الكتب والخطابات التي صارت مستهلكة، ولم تؤد إلى تحويل الثورة إلى فعل ملهِم.. بعد مرور سبع وأربعين سنة على اندلاع الثورة التحريرية، وعلى مقربة من الاحتفال بخمسينية استقلال الجزائر في شهر جويلية المقبل، مازلنا نستعيدها احتفاليا بشكل نمطي مكرور غير قادر على مقاربتها بشكل جديد أو مختلف يتماشى مع المستجدات الجديدة، والمتطلبات الحالية للأجيال الجديدة التي صارت بحاجة إلى لغة جديدة، وإلى رؤية من نوع آخر تساعد الجيل الجديد على إعادة اكتشاف الثورة التحريرية.. مازالت الثورة التحريرية أسيرة خطاب رسمي تمجيدي ونرجسي يتعالى على فهم أجيال لم يتشكل وعيها في نفس الظروف التي حدثت فيها الثورة، ما يجعلها عصيّة على الفهم خارج المادة الأرشيفية بالأبيض والأسود..  وعليه، يجب أن نكف عن اعتبار الثورة لحظة تاريخية غير قابلة للتكرار، أوأنها لحظة متوقفة في الماضي.. في حين أن القيمة الحقيقية لأي ثورة هي في مشروعها المؤسس على الأبعاد الثلاث: الماضي والحاضر والمستقبل، بمعنى أنه لا يمكن فهمها إلا في استمرارها وديمومتها في الزمان، وقدرتها على تحصين الذات والهوية ومدّها بالقيم اللازمة لبناء المستقبل..  لكن ذلك لا يعني إغفال دور الذاكرة، التي هي مناط الرهان في حربنا الجديدة مع ذاكرة فرنسا الكولونيالية اليوم.  لقد حسمت الثورة التحريرية بانتصار عسكري وسياسي باستقلال الجزائر عام 1962، لكن حرب الذاكرة لا تزال ممتدة، وربما أشرس من ذي قبل، وهو ما يجعلنا أمام واجب من نوع آخر لا يقل أهمية عن تحرير الوطن والأرض، وهو تحرير الذاكرة والهوية والمستقبل..  أحمد عبدالكريم  Hachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)