حكاية الحكاية التي سأرويها لكم في ما سيلي من الأسطر، هي أن الملك "دبشليم" عندما سمعها من لدن "بيدبا الحكيم" اغتاظ غيظا شديدا من سفاهتها، وجنّ جنونه، فأمر بقتل بيدبا الفيلسوف، لكنه سرعان ما عدل عن ذلك مكتفيا بسجنه وقطع لسانه، وأمر كاتبه بعدم إثبات هذه الحكاية في كتاب حكايات "كليلة ودمنة " وأكد عليه بحرقها وذرّ رمادها.. لكن الكاتب لم يفعل، وأحرق مكانها صحيفة أخرى، وعندما حضرته الوفاة أوصى بها لأحد أبنائه وكان يسمى البهلول، لكن أخويه الآخرين خيّراه عند توزيع تركة أبيهم بين التنازل عن حقه، وبين تقسيم الصحيفة إلى ثلاثة قطع وتوزيعها على الإخوة، لكن البهلول إختار الحصول على الصحيفة كاملة مقابل التنازل عن حقه في ميراث أبيه، وكان سينال منه حظا عظيما وأموالا طائلة.. لما وجد البهلول نفسه فقيرا معدما، بلا مال أو متاع، خرج هائما على وجهه من قرية إلى قرية، ومن مدينة إلى أخرى، حتى استقر به المقام في مدينة بغداد، وعندما كان نائما في ظل جدار، لم يشعر إلا وقد أحيط به واقتيد إلى سجن هارون الرشيد، ظنا بأنه صعلوك من الصعاليك أو واحد من اللصوص. وحين قدم بين يدي هارون الرشيد حكى بهلول على مسمعه ما وقع له مع إخوته، ضحك جميع من كان في المجلس من غبائه وتفضيله مالا طائلا على صحيفة مهترئة، إلا هارون الرشيد فقد بقي واجما وعيناه تذرفان دمعا حارا من فرط التأثر.. وبإشارة من يده أشار إلى الجميع بالسكوت والكفّ عن الضحك، قائلا لبهلول :"هل تهبني صحيفتك مقابل ضيعة وقصر وخدم وحشم وجواري حسان" لكن بهلول أجابه: "لا أستطيع يا مولاي، ولو منحتني كنوز الأرض كلها، فهي كل ما ورثته عن أبي".. سأل هارون الرشيد: "فهل تعلم ما في الصحيفة يا بهلول ؟ فقال : "لا يعنيني أن أعلم ما فيها"..دهش الجميع من عرض هارون الرشيد المغري، ورفض بهلول له، واستدرك هارون الرشيد قائلا: "تقديرا منا لوفائك وبرّك لأبيك، سنمنحك ما تريد من المال والضياع والقيان، ولك أن تحتفظ بصحيفتك..".بعد وفاة بهلول آلت الصحيفة إلى بيت الحكمة، لكنها سرعان ما اختفت ولم يفلح أعوان هارون الرشيد في العثور عليها، وقد انتهوا إلى ترجيح كفة سرقتها من طرف بعض الجواسيس الفرس أو الصينيين..وقد تأكدت من ذلك فعلا حين رأيت في أحد متاحف أوربا مخطوطا لكتاب "كليلة ودمنة" معروضا، وقد نزعت منه الصفحة أوالصحيفة إياها التي أمر "دبشليم " بحرقها. وبعد ذلك بعشر سنوات عندما زرت أحد متاحف بكين رأيت الصحيفة إياها معروضة خلف واجهة زجاجية، وقد كتب تحتها نص يقول إن هذه الصحيفة تحمل سرّ صناعة الورق التي سرقها الصينيون من العرب.. كان فضولي لا يقاوم لمعرفة ما في الصحيفة، وتصوروا ماذا وجدت فيها باختصار.. "تحكي الحكاية عن محاكمة الفيل الذي تغوّط في الغابة، ثم مد يده فوقعت يده على أرنب ما لبث أن استعمله مثلما يستعمل الورق الصحي دون قصد، ممّا أدى إلى تقديمه أمام الأسد ليقتص ممن أساء إلى الأرنب الناعم، وقد أفضت محاكمة الفيل إلى الحكم عليه باستعمال القنفذ كورق صحّي لمدة خمسة عشر عاما.. ويبدو أن معاناة الفيل هي التي أدت إلى اكتشاف صناعة الورق الصحي، ثم تفرع عن هذه الصناعة كثير من أنواع الورق: ورق السيلوفان، ورق الكتب والجرائد...ملاحظة: لست مسؤولا عن أي تأويل خاطئ لهذه الحكاية، الممنوعة على غير البالغين.. أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/05/2010
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com