الجزائر

هوامش الخارجون عن القانون و"حرب الذاكرة"



هوامش              الخارجون عن القانون و
كنت أنوي في هذا الهامش مواصلة ما بدأته من حديث عن الإعلام الثقافي، لقناعتي بأنه أهمّ مما يتصوره كثير من الناس، حتى من الإعلاميين أنفسهم، لكنني عندما شاهدت الأسبوع الماضي فيلم "الخارجون عن القانون" على الأقل بالشكل الذي كنت رسمته في ذهني من كلام مجرد ونظري حد المثالية .. نعم صرفت النظر عن فكرة مواصلة الكتابة في الموضوع، لا لشيء إلا ليقيني بأن الإعلام الثقافي عندنا أثبت مرة أخرى فشله في تأدية الدور المنوط به، مثله مثل فشل ساستنا في انتزاع اعتذار من فرنسا على جرائمها المقترفة في حق الجزائريين؟ في الوقت الذي تمكّنت فيه دول أخرى من انتزاع اعتذارات من مستعمريها ممن كانوا أقل شراسة ووحشية من فرنسا؟ تاريخنا مع فرنسا سيظل محكوما بتاريخ طويل من القهر والممارسات الكولونيالية التي ما زالت تداعياتها تلقي بظلالها على الحاضر، وتؤثر على كل محاولة للتأسيس للمستقبل. ومن الخطإ أن نتصور بأن صفحة تاريخنا مع فرنسا قد طويت إلى غير رجعة، لتفتح صفحة بيضاء جديدة. فهاهو فيلم "الخارجون عن القانون" يؤكد من جديد بأن "حرب الذاكرة" بيننا وبين فرنسا ستظل مفتوحة على كل الاحتمالات الممكنة ؟..ربما قد أكون محظوظا، لأنني لسبب أو لآخر شاهدته وسط قاعة نصف فارغة، بعدما دفعت مقابله 100دج، أنا متأكد أنها لا تتوفر لشاب عاطل لا نريده أن يفكر في "الحرقة". أو لطالب جامعي نريده أن يكون جنديا واعيا في "حرب الذاكرة" التي تفرضها علينا فرنسا اليوم.. ولو كان الأمر بيدي لجعلت الدخول مجانا، ولعممت تداول الفيلم ليس في العاصمة فقط ولكن في كل المدن الداخلية للجزائر العميقة.. لأن الفيلم هنا ينسجم تماما مع الرؤية الاستراتيجية التي يمكن أن تؤدي إلى الانتصار على فرنسا في حرب الذاكرة، ولا أظن أن قادتنا وسياسيينا ممن يطالبون فرنسا بالاعتذار لا يدركون ذلك، أو يغيب عنهم بأن رسالة الفيلم تصب في مسعاهم لإدانة فرنسا وتجريمها ..لكن الذي يحدث اليوم هو أن" الخارجون عن القانون" يقود معركة الذاكرة بدلا عن المخلفين والمطبعين مع فرنسا من السياسيين والمثقفين وقادة الرأي، أعزلا من كل سند أو مدد. ولنتذكر ما وقع له عشية عرضه في مهرجان كان، أو ما يتعرض له من حصار الإعلام الفرنسي والدوائر السياسية الداعمة له، حيث لم يتجاوز عدد مشاهديه حتى الآن الأربعمائة ألف مشاهد، وهو رقم لا يقارن بعدد مشاهدي "انديجان" الذي وصل إلى ثلاث ملايين ..ولا يمكن مقارنته بعدد مشاهدي فيلم "رجال وآلهة " الذي وصل إلى مليوني مشاهد، فقط لأنه يحظى بكل الدعم من قبل الإعلام الفرنسي، لأنه يقدم وجهة النظر الفرنسية حل أحداث وقعت في الجزائر..لقد تجاوزت هنا كل حديث عن وجهة نظري في الجوانب الإخراجية والسينمائية وما يتصل بها من جماليات الصورة والسيناريو، لكي أفضي إلى سؤال الإعلام الثقافي عندنا والذي يبدو أنه فشل مرة أخرى في تقديم "الخارجون عن القانون" بالشكل اللائق والمكثف الذي يمكّننا من الانتصار في معركة أزعم أنها تعنينا جميعا وهي حرب الذاكرة... أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)