الجزائر

هوامش إنني أتهم..!



هوامش              إنني أتهم..!
"شيء ما يحدث في كواليس المشهد الثقافي الجزائري، الوضع لا يبشر بالخير، حروب وخناجر وسفك الحياء. من يقتل من؟ من يطعن من؟ أي خندق؟ وأي مجموعة؟ نحتاج إلى بعض الحكمة لتجاوز الراهن.." هذه الكلمات التي أخذتها من صحفة الكاتب الروائي كمال قرور على "الفايس بوك"، تعبر ببلاغة كبيرة عما إليه آل وضع المشهد الثقافي في بلادنا، وما انتهت السجالات بين الكتاب والمثقفين من تناحر مقيت وشحناء فاحت روائحها الكريهة على صفحات اليوميات ومواقع الأنترنت..بوسع المرء أن يتحمل مشاعر الحسد والغيرة لدى الكاتب إلى حد ما بوصفها مشاعر طبيعية لصيقة بالإنسان وتشكل جزءا من تركيبته، كما تشكل حافزا لمنافسة المحسود والتشبه به، عملا بقول المثل الشعبي "عاند ولا تحسد"، أو الحديث الشريف "إذا حسدت فلا تبغ"..وبوسعنا أن نتفهم حماقات الكتاب والمثقفين، وأن نجد المبررات لطيشهم ونزقهم، ونزواتهم وأهوائهم، لكن أن يصل الأمر إلى الحد الذي وصلت إليه أمور مثقفينا، فذلك أمر غير مبرر أو مفهوم، ولا أحد يجد له تفسيرا أوعذرا.. فلا نور المعرفة وقداستها، ولا نبل الكتابة وأخلاقياتها حال دونهم ودون اقتراف منكرات باسم الثقافة في حق أنفسهم، وفي حق قرائهم وتاريخهم..الأكيد أن الكتاب والمثقفين ليسوا ملائكة، وذلك أمر مفهوم، لكن ذلك لا يعني أن يتحولوا إلى ملائكة برتبة جلادين مازوشيين، يبيحون لأنفسهم ما يحرمونه على غيرهم، وهم الذين كانوا ينددون بكل الممارسات الإقتصادية المقيتة التي تنافي كل الأعراف والتقاليد والنواميس الإنسانية..أين هم مثقفونا وكتابنا الذين وفقوا بالأمس القريب على قلب رجل واحد خلال الأزمة الكروية بيننا وبين أشقائنا المصريين؟ ولماذا انقلبوا على إخوان لهم من بين جلدتهم يكيلون لهم قاموسا من عبارات التسفيه والطعن والإنتفاص من قدرهم وقيمتهم الإبداعية.. وانساق وراءهم من انساق من أشباه الكتاب وغوغائيو الثقافة الذين يحالون تلميع أسمائهم، لا بقوة الإبداع، بل بالنميمة والإستعراضات "البهلوانية" و"الخرجات" الجوفاء، على أمل أن يرفع ذلك من رصيدهم في بورصة الأسماء، لكن هيهات ثم هيهات، لأن زمن الغفلة قد ولى إلى غير رجعة. وفي زمن العولمة أصبح القراء يملكون من الساسحات الضوئية ما هو كفيل بقراءة ما في الصدور وما بين السطور بشفافية متناهية.. ولا يمكن أن تنطلي عليهم حيل أدعياء الوطنية والتنوير والمنافحة عن قيم الحق والعدل والجمال..في الآونة الأخيرة ظهرت عصبة من العصابيين في الوسط الأدبي، ليس لها من هدف سوى تكسير المواهب وتتفيه الإبداعات الجميلة، وشن حرب تحطيم المعنويات على أؤلئك الكتاب المتعففين، الذين لايحسنون فنون الشقاق والنفاق، والمتعالين عن الدخول في المهاترات المقيتة..أما حرب المعنويات الشاملة هذه، وإزاء وضع بائس كهذا، يقف كثير من الكتاب والمثقفين حائرين مترددين بين مواقف ثلاث، الإنسحاب والحياد والصمت، على ما في هذا الموقف من عجز وجبن وهروبية، أو موقف التخندق في صف المعابر والمتهافت دون ترو، ودون وعي بالتبعات التاريخية التي ستنجر عنه. أما الموقف الأكثر شرفا فهو الإنحياز للحقيقة، بما يقتضيه من وعي ومن جرأة في الجهر بالحق، وما يمليه من تجرد وفضح للممارسات المشينة بكل أنواعها، ومهما كان مصدرها على طريقة البيان الشهير "إنني أتهم..". أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)