الجزائر

هوامش مثقفون أم قادة رأي؟



هوامش              مثقفون أم قادة رأي؟
أي دور للمثقف في الثورات التي يعيشها الوطن العربي؟ سؤال ملحّ بحاجة إلى تأمل عميق يستطيع أن يجيب عن مدى مساهمة المثقف العربي فيها، وطبيعة هذه المساهمة في ظل السياقات الجديدة التي يعيشها العالم الذي أصبح أصغر من قرية صغيرة .. أسهل إجابة يمكن أن نقدّمها هي الإجابة بالنفي، وهي الإجابة الشائعة التي يردّدها قطاع كبير من المثقفين والإعلاميين دون تمحيص أو تروٍ، على أنها حقيقة لا تقبل الجدل. دون اعتبار للمستجدات والتحوّلات التي طرأت على مفاهيم الثورة والمثقف ..فالثورة الجديدة لم تعد بحاجة إلى أفكار كبرى ومقولات فلسفية غير مجدية على أرض الواقع، كما كان الحال بالنسبة للثورات التقليدية، فقد صارت "الأفكار ملقاة على قارعة الطريق" كما يقول الجاحظ، ويمكن تداولها عبر الأنترنت والوسائط الإعلامية الجديدة، وصفحات المواقع الاجتماعية بسهولة كبيرة. وبالنتيجة لم تعد المعرفة والإنتلجونس حكرا على النخب المثقفة ..كثير من الناس كانوا ينتظرون دورا فعليا من المثقف، أو دورا تعبويا وتحريضيا يتجاوز فعل التأمل والعقلانية وإنتاج الأفكار، وهي الأدوار التي كان يقوم بها المثقفون التقليديون..لا أريد أن أكون تبريريا، ولكنني أدعو إلى البحث عن إجابة أخرى، في مكان آخر غير تلك اللازمة التي سئمنا من ترديدها عن غياب وانتفاء أي دور للمثقف في ثورات الربيع العربي، بل إن حرّاس النوايا كانوا على الدوام مستعدين لفتح قوائم سوداء يدرجون فيها هذا المثقف أو ذاك بغير وجه حق، دون إدراك للفرق بين المثقفين وقادة الرأي المسيّسين. يمكن تحديد دور المثقف العربي من خلال ثلاث لحظات مفصلية هي: لحظة ما قبل الثورة، الثورة، وما بعد الثورة.. خلال لحظة ما قبل الثورة، تؤكد النظرة الموضوعية للأشياء أن كثيرا من المثقفين العرب كانوا ينتقدون الأنظمة العربية، ويندّدون بغياب الديقرطية وحرية التفكير والتعبير في كتبهم ومقالاتهم وحواراتهم قبل اندلاع هذه الثورات، وهي الأفكار التي تحوّلت إلى شعارات مطلبية لكل الثورات العربية، وشكّلت أرضية الوعي التي تأسست عليها، ويمكن أن تحصِّنها من الوقوع في مزالق العنف والتطرف. خلال الثورة، لا يمكن أن نتصوّر مثقفا لا ينحاز للثورة باعتبارها تجليا لقيم الحق والعدالة - مع حفظ الاستثناءات - وفي الوقت نفسه لا يمكن محاكمة دور المثقف من خلال لحظة الثورة فقط، ومطالبته بموقف عاطفي محدد في الزمان والمكان، بل يجب منحه فرصة مراجعة منطلقات الثورة  ومآلاتها إذا اقتضى الأمر. ليتمكّن من إعادة إنتاجها فكريا وجماليا في لحظة ما بعد الثورة.أحمد عبدالكريمHachimite5@yahoo.fr


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)