لا تزال القصة الجنس الأدبي الأكثر اهتماما بظاهرة المهمشين و طبقة الفقراء و المحتاجين فهي عينات حرمت من أبسط الحقوق في هذه الحياة و لا تزال تبحث عن من يسمع صرخاتها،و لقد ظهرت القصة القصيرة جدا منذ التسعينيات من القرن الماضي استجابة لمجموعة من الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية المعقدة والمتشابكة التي أقلقت الإنسان وما تزال تقلقه وتزعجه ولا تتركه يحس بنعيم التروي والاستقرار والتأمل، ناهيك عن عامل السرعة الذي يستوجب قراءة النصوص القصيرة جدا والابتعاد عن كل ما يتخذ حجما كبيرا أو مسهبا في الطول كالقصة القصيرة والرواية والمقالة والدراسة والأبحاث الأكاديمية.... كما لم تجعل المرحلة المعاصرة المعروفة بزمن العولمة والاستثمارات والتنافس الإنسان الحالي ولاسيما المثقف منه مستقرا في هدوئه وبطء وتيرة حياته ، بل دفعته إلى السباق المادي والحضاري والفكري والإبداعي قصد إثبات وجوده والحصول على رزقه؛ مما أثر كل هذا على مستوى التلقي والتقبل والإقبال على طلب المعرفة، فانتشرت لذلك ظاهرة العزوف عن القراءة ، وأصبح الكتاب يعاني من الكساد والركود لعدم إقبال الناس عليه، كما بدأت المكتبات الخاصة والعامة تشكو من الفراغ لغياب الراغبين في التعلم وطلبة القراءة والمحبين للعلم والثقافة.يلاحظ المتتبع لمواقف النقاد والدارسين والمبدعين من جنس القصة القصيرة جدا أن هناك ثلاثة مواقف مختلفة وهي نفس المواقف التي أفرزها الشعر التفعيلي والقصيدة المنثورة و يفرضها كل مولود أدبي جديد وحداثي؛ مما يترتب عن ذلك ظهور مواقف محافظة تدافع عن الأصالة وتتخوف من كل ما هو حداثي وتجريبي جديد،ومواقف النقاد الحداثيين الذين يرحبون بكل الكتابات الجديدة التي تنزع نحو التغيير والتجريب والإبداع والتمرد عن كل ما هو ثابت، ومواقف متحفظة في آرائها تراقب ، ماذا سينتج عن ظهوره من ردود فعل، ولا تطرح رأيها بصراحة إلا بعد أن يتمكن هذا الجنس من فرض وجوده ويتمكن من إثبات نفسه داخل أرضية الأجناس الأدبية وحقل الإبداع والنقد.ولقد آن الأوان لتوسيع شبكة الأجناس الأدبية و تمديد رقعة نظرية الأدب بفنون جديدة أفرزتها ظروف العصر و العصرنة في تجديد القالب الابداعي وسرعة إيقاع الحياة المعاصرة التي تفرض علينا شروطها ومتطلباتها التي لا يمكن الانسلاخ عنها أو تجنبها، فلا بد إذاً من التكيف والتأقلم مع مستجدات السياق الزمني الآني خاصة الفنية والأدبية منها، ولابد للمؤسسات التربوية الجامعية والثانوية والابتدائية والمؤسسات الثقافية الخاصة والعامة أن تعترف بكل المنتجات الجديدة في عالم الإبداع سواء أكان ذلك مستوردا من الحقل الغربي أم مستنبتا في الحقل العربي ، وذلك بالتعريف والدراسة والتشجيع وفرضها في المقررات والمناهج والبرامج البيداغوجية ومن هذه الأشكال الأدبية التي نرى أنه من الضروري الاعتراف بها نستحضر أدب الخواطر وأدب اليوميات وأدب المذكرات وفن التراسل والأدب الرقمي وفن القصة القصيرة جدا و فن الزجل والقصيدة النثرية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 01/12/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : برياح زهرة
المصدر : www.eldjoumhouria.dz