الجزائر

هل يملك أوباما طمأنة العرب؟



هل يملك أوباما طمأنة العرب؟
يشهد منتجع كامب ديفيد الشهير في الأيام القليلة المقبلة قمة استثنائية فريدة، غير مسبوقة، فهي الأولى من نوعها لقادة دول الخليج العربي، والغرض الرئيسي للداعي، هو بث الطمأنينة في نفوسهم لجهة التغيرات المتوقعة في المشهد السياسي في منطقة الخليج العربي، بعد إتمام الاتفاق بين طهران وواشنطن المتعلق بالبرنامج النووي الدولي. على أنه قبل الغوص في لجة ”كامب ديفيد الخليجية” ينبغي علينا أن نتساءل وبعقل بارد: هل أوباما قادر على زرع الأمان في صدور العرب عامة والخليجيين خاصة؟قبل الجواب يتحتم علينا البحث في العقلية البراغماتية الأوبامية الداعية للقمة وما ورائياتها، وسوف نستنتج أن لأوباما مصلحة عليا في الفوز بمباركة وتأييد قادة دول الخليج لصفقته مع إيران وبهذا يمضي قدمًا إلى الكونغرس وبقدمين ثابتتين في طلب الموافقة النهائية من نواب الشعب الأميركي، وحال رفض زعماء الخليج للصفقة الأميركية الإيرانية، فسيكون أمام أوباما عقبة واضحة من جراء استشعار العرب الخطر القادم.هل هو بالحقيقة خطر قادم أم قائم بالفعل؟تتحدث بعض الأصوات الإيرانية عن دور فاعل لها في المنطقة يعزز الاستقرار، غير أن طريقتها العملية في التعبير عن أغراضها تظهر ازدواجية واضحة وفاضحة، إذ هي تهدد اثنين من الممرات الملاحية الحيوية في العالم، على جانبي شبه الجزيرة العربية، تهدد ممرين كالشرايين السباتية بالنسبة للاقتصاد العالمي، هرمز وباب المندب.ومع رفع العقوبات الاقتصادية ومعاودة إيران تصدير نفطها ورواج تجارتها، حكمًا سيكون لديها المزيد من الموارد من أجل دعم حلفائها ووكلائها في المنطقة العربية.هل للعرب إذن أن يقلقوا؟ وهل قلقهم مشروع؟استمعوا إلى ما قاله المستشرق الإسرائيلي الشهير إيال زيسر الأيام الماضية عبر صحيفة ”يسرائيل هيوم”، من أن الخطر الكامن ينتظر الجميع في الشرق الأوسط، ذلك أن الإيرانيين قد فضلوا تأجيل الحصول على السلاح النووي لبضع سنوات إلى أن تتهيأ الظروف الإقليمية والدولية، وفي غضون عقد من الزمان تسعى إيران لأن تكرس ذاتها كدولة عظمى إقليمية بصورة شرعية، والخلاصة أنه في كامب ديفيد الخليجية لا يتوقع أوباما من العرب دفع حساب الوجبة وفقط، بل ربما أن يكون العرب جزءًا مستقبليًا من قائمة الطعام المعدة لإشباع شهية إيران.ماذا في جعبة أوباما من أوراق تطمينية؟يذهب البعض إلى أن أوباما يملك فكرة جعل دول مجلس التعاون حلفاء من خارج الناتو، غير أن هذا الأمر يقتضي ألا تعوق واشنطن صفقات السلاح التي تمثل جوهرة التاج في العسكرية الأميركية، وهو أمر غير وارد عمليًا، بمعنى أنه لا يمكن لواشنطن أن تزود دول الخليج بطائرات F35. وإلا فقدت إسرائيل تميزها الاستراتيجي العسكري، وهو ما سيرفضه داعمو تل أبيب في الكونغرس بامتياز.طرح آخر يرى أن توقيع اتفاقيات دفاع مشترك مع دول مجلس التعاون الخليجي، على غرار الاتفاقيات الدفاعية الموقعة بين أميركا واليابان منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، قد يكون الحل الذي يضمن للعرب دفع الأميركيين شر هجومات أي قوى إقليمية لا سيما إيران في المستقبل.لكن حتمًا مثل هذه الفكرة ستلقى رفضًا جماهيريًا أميركيًا قبل رفض الكونغرس لها، فالأميركيون الذين يعيشون حالة الانعزالية، كمقدمة طبيعية لمرحلة الأفول الإمبراطوري، ليسوا مستعدين للخوض في معارك شرق أوسطية جديدة.على أنه يمكن لقادة وزعماء دول الخليج أن يختبروا مدى مصداقية أوباما وتطميناته، عبر طلبهم توقيع اتفاق مكتوب ويقره الكونغرس، لا سيما مع المملكة العربية السعودية يتعهد فيه الرئيس الأميركي، بمنح الرياض وبقية العواصم العربية النافذة ذات الحقوق النووية التي ستمنح لإيران حال إتمام الاتفاق النووي مع إيران، كشرط لتأييدهم للصفقة... هل يمكن أن يوافق أوباما على مثل هذا الاقتراح؟أغلب الظن أنه سيرفضه، وعليه يبقى التساؤل: ما الذي يريده أوباما بالفعل؟في عقيدة الأمن القومي للولايات المتحدة المنشورة بتاريخ 6 فبراير (شباط) 2015، كتب أوباما: ”إن استقرارًا طويل الأمد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتطلب أكثر من استخدام ووجود القوات العسكرية الأميركية، كما يتطلب شركاء قادرين على الدفاع عن أنفسهم، ولهذا السبب علينا أن نستثمر في قدرات إسرائيل والأردن وشركائنا في الخليج لقطع دابر أي عدوان عليهم”.... هنا الجواب واضح، لا يريد السيد أوباما سوى تخليق حلف جديد، متضمنًا إسرائيل ترغيبًا أو ترهيبًا، حتى يقدر له سحب قواته العسكرية من الشرق الأوسط وإعادة التموضع في الشرق الأقصى لمواجهة الصين وروسيا.أخطر ما سيخلفه أوباما، بسبب سياساته الخارجية والدفاعية الضعيفة والمشتتة، هو تحويل الشرق الأوسط إلى نادٍ نووي، سيسعى العرب الذين بلغ اليأس بهم من واشنطن مبلغه إلى عضويته، كما أن إسرائيل، قد تجد صعوبة في مقاومة إصلاح الأمور بأيديها من خلال مهاجمة منشآت إيران.هل اتسع الخرق في الشرق الأوسط على الراتق الأميركي؟يحاول أوباما القفز بأميركا بين أشواك الشرق الأوسط، لكنه كلما ازداد بقاؤه ازداد ألمه، وفي نفس الوقت بات الخروج عليه أصعب.هل السطور السابقة دعوة تشاؤمية؟ الذين يقرأون لا ينهزمون، فانظر ماذا ترى؟




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)