الجزائر

هل يستمر إضفاء صفة الطابع «الإنساني» على المهاجرين



هل يستمر إضفاء صفة الطابع «الإنساني» على المهاجرين
ماكان يمقته الساسة الأوروبيون من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار،، أصبح ملفا محرجا أدرجوه ضمن نشاطهم اليومي،، وفي أولويات أجندتهم ،، إنها «الهجرة» أو «اللجوء» الذي كان بالأمس من الممنوعات تجاه كل من تطأ قدماه القارة العجوز،، والدليل على ذلك أن المشرّع في هذه البلدان اجتهد في سن القوانين التي تحد من هذه الظاهرة بشكل اهتدى فيه إلى الإبداع في الزجر والردع حتى لايجرأ أحد على اقتحام أسوار عواصم هذه البلدان.النداءات الصادقة الصادرة عن العديد من البلدان الراغبة في تصحيح هذا الوضع،، بواسطة مايعرف ب «احترام تنقل الأشخاص» و«التخفيف من وطأة التأشيرة» و«تسوية وثائق طالبي الإقامة» لم تلق للاسف أي استجابة من تلك الحكومات بالرغم وجود أطر نظامية آنذاك كمسار برشلونة.وهكذا لم يعد مشكل «الهجرة» أو «اللجوء» يحمل ذلك الطابع «التنظيمي» أو «القانوني» بل تجاوز ذلك بتحوله إلى «هاجس سياسي» ناجم عن تفاعلات لقضايا أمنية خطيرة أشرف دعاة الفتنة على بلورتها باسم «الربيع العربي»،، وكل تداعيات تلك الأهوال في سوريا وليبيا والعراق وغيرها من البلدان التي اهتزت أوضاعها،، والضغط ولدّ الانفجار،، ونعني بذلك أن تلك الشعوب وقعت تحت ضربات المجموعات المسلحة،، ولا أحد أراد أن يرفع هذه الحالة عن هؤلاء،، مما اضطرهم للبحث عن الحلول الفورية التي تقيهم من القتل والدمار،، ومن هنا بدأت القصة.واللاجئون الذين «يبحرون باتجاه الضفة الجنوبية لأوروبا ليسوا أفارقة كما اعتاد الرأي العام ملاحظته منذ بدء هذه «الرحلات» عبر قوارب الموت بل أن الأمر أخذ منحى آخر لم يتوقعه أحد،، وهذا عندما اصطدموا بهذه الهجرات الجماعية.في أول الأمر،، اعتقد الأوروبيون بأن المسألة لاتعدو أن تكون مجرد إجراء بوليسي،، أي إلقاء القبض على كل من تلقي به الأمواج إلى الشواطىء،، ووضعه في «مركز اعتقال» كما ذهب البعض إلى اقتراح تدمير تلك الزوارق في عرض البحر كونها تنقل «إرهابيين».وفي زمن وجيز جدا،، تحدى الجميع الحواجز الطبيعية وتحولت أوروبا إلى محطة لهؤلاء اللاجئين،، بالآلاف قدموا لهذه البلدان،، للتخلص من الحروب المندلعة في أوطانهم الأصلية،، والتي كان سببها هذا الغرب الذي أحرق مدنهم بكل أنواع الأسلحة الفتاكة،، عن طريق الوكالة.ويشعر الأوروبيون اليوم بتأنيب الضمير تجاه ما اقترفوه في هذه الأوطان من دمار شامل،، وعليهم تحمل تبعات ذلك،، اتضح في الإستقبال الذي خصصوه لهؤلاء الوافدين.والحديث هنا لايكون في بعده الإنساني،، لكن في امتداداته السياسية،، وإفرازاتها المستقبلية،، لأن هناك العديد من البلدان هي الآن بصدد التفكير في آليات جديدة لوضع حد لهذه الحملات المتواصلة وهذا بالسعي من أجل فرض منطق «الإنتقاء» الذي عملت به من قبل.. وهذا يسمح بإقصاء كل من يأتي من أجل «غرض اقتصادي» كما أسموه. كما أن هناك بلدان صرحت بأنها تحتفظ بحق معرفة هوية القادمين إليها،، وأخرى حدّدت العدد الذي يدخل إلى أراضيها وهذا خلال آجال بعيدة،، تعطي لها الفرصة في الاطلاع على وضعية هؤلاء،، وهذا كإجراء استباقي يكشف كل المطلوبين أو المبحوث عنهم،، بمنعهم استغلال فرصة التغلغل إلى هذه البلدان.والإشكال بالنسبة للأوروبيين،، ليس في استقبال هؤلاء،، أو إبداء نوع من التعاطف والتضامن معهم لكن ماتخلفه آثار الهجرة وكذلك اللجوء،، هم يريدون منحهم الصفة المؤقتة في الإقامة حتى تسوى الأوضاع في بلدانهم ثم يعودون من حيث أتوا وسيتغير الخطاب الأوروبي إن آجلا أو عاجلا،، وهذا باتجاه التضييق على موجات أخرى قادمة،، لأن قدرات الاستيعاب أو الاستقبال أقل مما هي عليه في الواقع،، زيادة على أن هناك بلدان لها تجربة مع الغزو الذي شهدته جراء سقوط المعسكر الاشتراكي وانهيار جدار برلين،، مما أدى إلى حدوث هزة في اقتصاديات هذه البلدان،، خاصة في مناصب العمل.والطرح الاقتصادي والأمني لم يشر إليه بحدة في الوقت الراهن،، لكن الفرز سيأتي قريبا،، هناك بلدان الصفوف الأمامية التي لم تغلق حدودها لماذا؟ لأنها تريد أن لايبقى هؤلاء عندها،، وتفضل أن ينتقلوا إلى البلدان التي تبدي استعدادها لاحتضانهم كألمانيا. أما الأخرى فتفضل «الكوطة» أي حصة محددة،، للتحكم في تسييرها من كل النواحي،، لذلك فإن المسؤولين الأوروبيين هم الآن في مرحلة القبول والموافقة بالدخول فهل يبقى هؤلاء أوفياء لهذا الموقف؟




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)