لقد شاركت أكثر من 70 جمعية ومنظمة و تكتل و نقابة في اجتماعات المجتمع المدني الأسبوع الماضي من أجل التوافق على خارطة طريق تحدد النموذج الأنسب للمرحلة الانتقالية , والتحضير للندوة الوطنية للمجتمع المدني ,المقررة يوم 15 جوان المقبل , غير أن اللقاء اصطدم باختلاف في وجهات النظر حول مسألة تنظيم انتخابات رئاسية أم لا ؟ و لا شك أن استمرار مثل هذا الخلاف , سيؤجل الحل إلى أن تجد القوى السياسية المتصارعة الآلية البديلة عن صندوق الاقتراع و التي تقبلها جميع الأطراف , أو أغلبها , لمنحها القدر الكافي من الشرعية الشعبية , حتى و إن كانت مثل هذه الشرعية مرتبطة ارتباطا وثيقا بالانتخاب في جميع الأنظمة الديمقراطية , أكثر من ارتباطها بالمسيرات و المظاهرات في الشوارع و الأماكن العامة . و أيا كان الوزن الشعبي لهذا التكتل من تنظيمات المجتمع المدني , فإن المنطق السليم يفرض أن أي طرف يدعي أن قوته مستمدة من الدعم الشعبي لموقفه أو مبادرته أو برنامجه السياسي , لن يخشى من الاحتكام إلى الصندوق , و بالتالي في إمكان هذا التكتل أن يتوافق حول اختيار مرشح له في الاستحقاق الرئاسي , لتجاوز خلاف أطرافه حول هذه المسألة . و الأمر نفسه ينسحب على الأحزاب السياسية منفردة أو متكتلة , لأن بعضها على الأقل عايش فترة «الحكم الانتقالي» في التسعينيات و مدى عجزه عن مواجهة أبسط المشاكل اليومية للمواطنين الذين اضطروا يومئذ إلى تدبر شؤونهم بأنفسهم لمواجهتها . و من التصريحات المسجلة في سياق حملة التحسيس و التوعية حول ميثاق السلم و المصالحة الوطنية الذي أنهى تلك الفترة المأساوية , هناك تصريح امرأة ضحية إرهاب اعتبرت من خلاله «أن جروح الإرهاب في قلبها عميقة لا تداويها سوى عودة الهناء إلى البلاد و رؤية الجزائر ضمن كوكبة الدول المتطورة «... فقد أدركت هذه المواطنة بتلقائية و عفوية , أن استمرار المآسي سيذكرها على الدوام بمأساتها , بينما عودة الهناء تمكنها من نسيانها , كما أدركت أن المصالحة حتى مع من تسببوا في مأساتها هي من أجل إقناع الجزائريين أن خدمة البلاد و تطويرها و الدفاع عنها هو ما ينبغي أن يكون الهدف الأسمى لهم جميعا بدلا من الاقتتال حول من يحكمها... و بما أن الحوارشكل دائما أحد المبادئ الأساسية في سياسة الجزائر الداخلية و الخارجية , فقد فاوضت و حاورت «مستعمر الأمس « و تحاورت مع من رفع السلاح ضدها, و هي تواجه اليوم دعاة «اللاحوار» بالتمسك بمبدإ الحوار لوضع خارطة طريق مأمونة للانتقال السياسي السلس الذي لن يكون ذا مصداقية إلا بمشاركة كل «الناخبين و الناخبات « بكل وعي في التعبير عن اختيارهم الحر, لمن يحكمهم , بعيدا عن أي شكل من أشكال الضغوط , أو الوصاية , أو «البلطجة الحزبية و السياسية» , لأن الديمقراطية المنشودة هي رهن المشاركة الشعبية الحرة و الواعية , و التي أصبحت ضرورية لتجسيد «مصالحة ثانية» سياسية هذه المرة لتكون أرضية صلبة لجمهورية جديدة شعارها الرئيسي « حوار جامع لا يقصي و لا يستأصل جزائريا أو جزائرية إلا من أقصى نفسه».
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/06/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أ بن نعوم
المصدر : www.eldjoumhouria.dz