الجزائر

هل تنتصر الحِكمة اليمانية على لغة السلاح؟



هل تنتصر الحِكمة اليمانية على لغة السلاح؟
وقع المحظور إذن، واندلعت حرب اليمن بعد نصف عام من التأجيل والبحث عن حلول سلمية.. كنا نأمل أن تتحلى جميع الأطراف في هذا البلد الفقير، وفي مقدّمتها الحوثي وعلي عبد الله صالح، بضبط النفس وقبول التعايش مع مختلف المكوّنات السياسية والاجتماعية باليمن باعتبارها الطرف الأقوى، ولكن لغة التصلب والعناد والقوة هي التي انتصرت وجرّت البلد إلى هذا المأزق الخطير.ربما أساء الحوثيون وإيران تقدير الموقف واعتقدا أن السعودية وحلفاءها الثمانية مجرد "ظواهر صوتية" لا تحسن سوى التنديد وإطلاق الاستغاثات للمجتمع الدولي، ولن تتدخل عسكرياً في اليمن وستكتفي بالتهديدات وإمداد أنصار هادي بالسلاح والمال، وأنهما سيفرضان الأمر الواقع على اليمنيين والخليج ويصبح لإيران قواعد عسكرية ثابتة قرب باب المندب، ولذلك أبدى الحوثيون وعلي صالح ومن ورائهما إيران، تصلبا كبيرا منذ بدأت الأزمة في أوت الماضي إلى الآن ورفضوا كل أشكال الحوار، وأصرّوا على التصعيد، فكانت هذه الحرب التي فاجأتهم جميعاً.ومع ذلك، يصعب القولُ إن السعودية وحلفاءها سيتمكنون من هزم الحوثيين بمجرد القيام بغارات جوية مكثفة على معاقلهم في صنعاء وصعدة ومناطق أخرى، فتلك الغارات قد تلحق بهم خسائرَ معتبرة، ولكنها لن تفضي إلى إسقاط تحالف الحوثي وصالح وإعادة هادي إلى صنعاء، إلا إذا أُتبع القصفُ الجوي بغزو بري واسع لليمن.هذا الغزو إن وقع، فهو سيحمل للجيوش العربية مخاطرَ كبيرة؛ فاليمن معروفٌ بجغرافيته الجبلية الوعرة التي مكّنت الحوثيين من خوض 6 حروب كاملة مع الرئيس المخلوع صالح، اكتسبوا خلالها خبرة قتالية عالية، وقد عرفت السعودية الأمرّين معهم في حرب 2009 حينما دخلوا أراضيها، ولذلك لا نعتقد أن الجيوش العربية ستحسم المعركة لصالحها بسهولة، برغم تفوّقها العددي والتسليحي الكبير، بل سيكون ذلك بعد خسائر غير يسيرة في الأرواح والعتاد، ولاسيما إذا استمرّت الحرب طويلاً، وتواصلَ تدفقُ الأسلحة الإيرانية على الحوثيين، وشارك فيها خبراء عسكريون إيرانيون.وبرغم اندلاع الحرب، إلا أن الأوان لم يفت بعد على الحلول السلمية، يكفي فقط أن يعلن الحوثيون قبولهم عودة الشرعية، وإنهاء انقلابهم، والعمل بمبادرات السلام السابقة، أو الاستعداد للدخول في جولة حوار أخرى للتوصّل إلى تسوية جديدة، حتى يُقطَع نصف الطريق نحو الحل، أما النصف الآخر فينبغي أن تقطعه السعودية وحلفاؤُها بقبول الجنوح إلى السلم إذا جنح إليه الحوثيون، لتمكين اليمنيين من العودة إلى الوفاق وإنقاذ دولتهم من التفكّك والانهيار.لقد أخطأ الحوثيون حينما اعتقدوا أنهم قادرون على فرض حكمهم على كل اليمنيين بقوة السلاح، ولم يراعوا الفوارق الاجتماعية والمذهبية ببلدهم.. كان ينبغي لهم الاقتداء بأنموذج "حزب الله" الذي لم يسعَ إلى الانقلاب على الحكم بلبنان وقهر باقي الطوائف والأقليات برغم أن قوته العسكرية الكبيرة تتيح له ذلك، لكن الحوثيين تجاهلوا للأسف هذا الأنموذج في التعايش والتوافق وفضلوا لغة الصراعات والقوة، فكانت النتيجة مريرة كالعلقم. ومع ذلك لم يفت الأوانُ بعد ونأمل أن تنتصر "الحِكمة اليمانية" المشهورة ويتمّ قريباً وضع حدّ لهذه الحرب وهي في بدايتها.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)