شاع بين العامّة أن أنزار هو إله المطر عند الأمازيغ و أنه قديما كان هناك طقوس يقوم بها الأمازيغ لهذا الإله قصد طلب المطر في حالات الجفاف، و لكن ما هي حقيقة هذه العادة ؟
طقوس استجلاب المطر لأنزار قد تم توثيقها في كتاب الفرنسي Henrie Genevois و هو بعنوان Monde berbère, Un rite de l'obtention de la pluie في هذا الكتاب قال المؤلف أن أنزار هو ملك الماء تقول الأسطورة أنه أغرم بفتاة رآها تستحم في النهر و لكنها رفضته فغضب و أمسك السماء و الأنهار حتى أجبرها على القبول به، و يقول الكاتب أنه نقل عن أهل آث قاسي و آث جناد في منطقة القبائل أنهم في القديم وفقاً لهذه الأسطورة كانو أثناء الجفاف يزيّنون فتاة لملك المطر فيجوبون بها القرية و يلبسونها الملابس الجميلة و الحلي كالعروس و هم يرددون أدعية أنزار حتى يستعطفو ملك الماء، و لكنهم بفعل الشيوخ المرابطين تخلّو عن هذه العادة و استبدلو الفتاة بمغرفة الطعام.
اليوم المعتقد الذي يقول أن أنزار هو إله المطر إنما جاء من هذه الكتب الفرنسية و لكن لو قمنا بنقد هذه الأطروحة سنجد أن ما يعرف بطقوس الإله أنزار ربما تكون له دلالات أخرى و أن الفرنسيين قامو بالخلط بين عادات شعبية و مجرّد قصص فلكلورية
#أوّلاً أنزار ليس شخصاً في الحقيقة و إنما هذه الكلمة تعني "المطر" بالأمازيغية بكل بساطة و هذه الكلمة لا تزال متداولة في كثير من المناطق مثل الأوراس و في المغرب سيما في سوس و الريف بنفس المعنى.
#ثانيا ما يردده الأهالي خلال طقوس أنزار ليست استغاثة بشخص اسمه أنزار و إنما أدعية لله قصد طلب المطر، فهم يقولون مثلاً " أنزار أنزار آربي اسويت آرازار" يعني "المطر المطر، يا ربي اسقي النبات إلى غاية الجذور"
#ثالثاً المغرفة المستعملة لها دلالة كبيرة فيحملها الأطفال و هي مزينة و يجوبون بها شوارع القرية و هم يرددون بعض الأناشيد و الأدعية و يطلبون من البيوت ما يمكن جمعه من الطعام أو الحبوب لذلك رمزية المغرفة مرتبطة بالأطعمة و القحط الذي يتسبّب في قلة المحاصيل، بعد ذلك يقوم الجميع بحمل كل ما تم جمعه إلى المسجد ثم تقوم النسوة بطبخه و يتم توزيعه على الأهالي و هذا من باب التكافل الإجتماعي أيام القحط و الجفاف و الجوع، و تجدر الإشارة كذلك أن عادة حمل المغرفة ليست خاصة بمنطقة القبائل و إنما هي منتشرة في جميع أنحاء شمال إفريقيا و تعرف باسم بوغنجا.
#رابعا هذه العادة قديمة و متعارفة في أغلب أنحاء شمال إفريقيا حتى في المناطق المعربة أين تسمى بوغنجة و لكن لم يذكر التاريخ و لا أي كاتب عن إله اسمه أنزار تقدم له طقوس معينة لاستجلاب المطر فقط الفرنسييون من قامو بمثل هذه التفسيرات لنفس العادة في منطقة القبائل دون غيرها.
هذا هو ما يعرف اليوم بطقوس أنزار لاستجلاب المطر و على كل حال هذه ملاحظاتي الشخصية و نقدي حول ما قام بترويجه الفرنسييون حول هذه العادة بغض النظر عن جانبها الشرعي أو العقائدي و الخلط الذي تمّ مع بعض القصص التي لا تصلح سوى كفلكلور شعبي.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/08/2022
مضاف من طرف : patrimoinealgerie
المصدر : Arraw n u-maziɣ أبناء مازيغ