ينتظر أن تكون فكرة إرسال قوات برية سعودية إلى سوريا محور الندوة الدولية التي تحتضنها مدينة ميونيخ الألمانية، يوم غد الخميس والتي ستخصص لبحث الموقف العسكري في هذا البلد على خلفية المكاسب الميدانية التي حققتها القوات السورية في عدة محافظات استراتيجية. وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير خلال ندوة صحفية عقدها بالعاصمة الأمريكية، رفقة نظيره الأمريكي، جون كيري "إن مصلحتنا المشتركة تحتم علينا تسوية مشاكل المنطقة قبل أن يلتهموننا" في إشارة واضحة إلى النظام السوري وروسيا وحتى تنظيم الدولة الإسلامية.وقال كيري من جهته إن بلاده والعربية السعودية متفقتان على ضرورة قيام 17 دولة ضمن "أصدقاء سوريا" التي صادقت على خطة خارطة طريق حول الوضع في سوريا بممارسة ضغوط إضافية من أجل فتح ممرات إنسانية ووقف لإطلاق نار كلي هناك. وعبّر كيري عن أمله أن تكون ندوة ميونيخ مناسبة لتحقيق تقدم في هذا الاتجاه في تناسق مع تصريحات منذر ماخوس، عضو الهيئة العليا للمعارضة السورية الذي وضع مسألة وقف الغارات الروسية كشرط مسبق للعودة إلى مفاوضات جنيف. وقال إن عمليات القوات الجوية الروسية تعقد الوضع.ويبدو أن الولايات المتحدة التي استشعرت خطر الضربات الروسية على مصالحها في كل منطقة الشرق الأوسط لم تجد سوى الورقة الإنسانية للضغط على موسكو لدفعها على وقف غاراتها الجوية ضد معاقل مقاتلي المعارضة الذين تقهقروا في كثير من المحافظات لصالح تقدم القوات الحكومية والميليشيات الداعمة لها. وأجمعت تقارير كل المنظمات الإنسانية أن ظروف معيشة عشرات آلاف النازحين السوريين المتدفقين على الحدود التركية بلغ حدا كارثيا ويتوقع أن يزداد مأساوية في حال عجزت المجموعة الدولية عن يجاد حل "إنساني" استعجالي لهم. وأكدت منظمات حقوقية سورية أن مدينة حلب ستتحول إلى مدينة أشباح في حال استمر نزوح سكانها وخاصة النساء والأطفال منهم على حدود تركيا التي تمسكت بموقفها الرافض لفتح المعبر الوحيد بين البلدين بمبرر عدم قدرتها على استقبال هذه السيول البشرية بعد تجربة السنوات الأولى للأزمة السورية والذين بلغ عددهم قرابة 2,7 ملايين لاجئ.وهو ما اعترف به وليام سبندلر، الناطق باسم المحافظة السامية للاجئين الذي طالب المجموعة الدولية بالإسراع في تقديم دعم إنساني ومادي لتركيا لمساعدتها على التكفل بكل اللاجئين وحثها على فتح حدودها أمام الباحثين عن الحماية والأمن وعدم اقتصار ذلك على المرضى وكبار السن. وأضافت أن تعداد هؤلاء اللاجئين قارب 32 ألف لاجئ، يشكل النساء والأطفال منهم نسبة 80 بالمئة. وذهبت منظمات إنسانية غير حكومية تنشط داخل التراب السوري إلى أبعد من ذلك عندما أكدت أن مليون سوري يعيشون محاصرين في 50 بلدة منذ قرابة خمس سنوات وأن الوضعية الإنسانية في سوريا أخطر مما تضمنته تقارير الأمم المتحدة. وعرفت مأساة هؤلاء تدهورا أكبر خلال الأسابيع الأخيرة بسبب الظروف المناخية الصعبة التي وصلوا فيها إلى الحدود التركية هربا من الضربات الجوية الروسية التي ركزت قصفها خلال الأيام الأخيرة على مدينة حلب، ضمن خطة عسكرية لتمكين القوات النظامية السورية من استعادة السيطرة عليها.وزادت خيبة هؤلاء بعد أن وجدوا الحدود موصدة في وجوههم واستحال عليهم وجود مأوى لهم بعد أن أصبحت مراكز الاستقبال التي خصصت لهم غير قادرة على استيعابهم مما حتم على عائلات بأكملها قضاء لياليها تحت رحمة طبيعة نزلت درجات الحرارة فيها إلى ما دون الصفر رغم أن خيما أصبحت تأوي 20 شخصا من عائلات مختلفة وهي لا تتسع سوى لسبعة أشخاص. وهي وضعية جعلت مساعد الأمين العام الأممي للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبريان يعبر عن عميق انشغاله لاستفحال هذه الوضعية، في وقت تدك فيه منازل هؤلاء اللاجئين الذين أرغموا على مغادرتها.ورغم كل النداءات الملحة إلا أن السلطات التركية تمسكت بموقفها الرافض لفتح حدودها في وجه اللاجئين السوريين في رد فعل على قرار الاتحاد الأوروبي عدم استقبال مزيد من اللاجئين. وهو ما أكدته المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل خلال زيارتها أول أمس إلى أنقرة والتي تعهدت خلالها بتقديم مساعدات إضافية للحلف الأطلسي لتمكينه من مراقبة الشواطئ التركية واليونانية التي يصلها مئات اللاجئين كل يوم. وتدرك روسيا ومعها الحكومة السورية حقيقة المعاناة التي يتكبدها اللاجئون السوريون ولكنهما رفضتا وقف عمليات القصف التي أكدت مصادر عسكرية روسية أنها تستهدف الإرهابيين في إشارة واضحة أن موسكو ترفض وقف غاراتها في موقف سيؤدي حتما إلى قبضة جديدة مع الولايات المتحدة التي تيقنت متأخرة أنها أخطأت تقدير الموقف بغض الطرف عن التدخل العسكري الروسي. وفي حال تدخلت العربية السعودية عسكريا، فإن المعطيات ستأخذ منحى آخر وربما ستؤدي إلى حرب إقليمية.توقع حرب باردة جديدة بين روسيا وأمريكاتوقع منسق أجهزة المخابرات الأمريكية أمس أن تدخل الولايات المتحدة وروسيا في حرب باردة جديدة ضمن قبضة تأكيد كل واحدة منها أنها قوة عالمية. وقال جيمس كلابر إن روسيا تقوم في الوقت الراهن بعدة أعمال عدوانية حتى تدافع عن صفتها كدولة عالمية، مما قد يؤدي إلى دخولنا في متاهة علاقات شبيهة بتلك التي عرفتها الدولتان طيلة عقود الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 09/02/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م مرشدي
المصدر : www.el-massa.com