الجزائر

هل استوعبنا الدرس ؟



هاهي 30 عاما تمر على أحداث أكتوبر 1988، أحداث عنف و تخريب - شهدتها على وجه الخصوص- العاصمة و ضواحيها ، حيث خرج الآلاف من الشباب الغاضب و الناقم على الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية المزرية التي خلّفها تدهور أسعار البترول ، المصدر الرئيسي ان لم نقل الوحيد لعيش الجزائريين لهذا و بمجرد انخفاض اسعار الخام التي فرضته حسابات جيوسياسية كان الهدف منها خنق الاتحاد السوفياتي (سابقا) اقتصاديا غير أن أثارها كانت وخيمة على الجزائر التي كانت تعيش أصلا على وقع صراعات و تجاذبات داخل الحزب الواحد اعتبارا من نهاية سبعينيات القرن الماضي أي بعد رحيل المرحوم الرئيس بومدين و تجلى ذلك في الأحداث التي شهدتها الجامعة المركزية بداية الثمانينات.في السياق الدولي كانت هناك تطورات هامة فالاتحاد السوفياتي تم إجباره على الانسحاب من أفغانستان على وقع ضربات المقاتلين متعددي الجنسيات المدعومين لوجيستيا، إعلاميا و استخباريا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في إطار حربها الباردة مع الاتحاد السوفياتي و بعد نهاية مهمتهم كان على الكثير من تلك العناصر العودة أدراجهم الى بلدانهم الأصلية و لكن ليس بنفس الأفكار التي جاؤو بها، حيث تشبّعوا بالفكر التكفيري المتطرف المشفوع بتدريب عسكري طويل و نشوة «انتصار « فتحت شهيتهم لاستنساخ التجربة في بلدانهم و بطبيعة الحال كان من بين هؤلاء أو من كان يطلق عليهم «الأفغان العرب» جزائريون عادوا هم كذلك بداية الثمانينات إلى بلدهم ولم يمر الكثير من الوقت حتى ظهرت حركة بويعلي الإرهابية منتصف الثمانينات والتي سرعان ما تم القضاء عليها.
هذه بعض الملابسات الداخلية و الدولية التي سبقت أحداث 05 أكتوبر ولكن لا يجب أن يفوتنا حدث تاريخي هام كانت ستحتضنه الجزائر خريف 1988 وهو إعلان الدولة الفلسطينية و هو ما تم بالفعل منتصف شهر نوفمبر من نفس السنة بالجزائر رغم الظروف الاستثنائية التي كانت تعيشها البلاد.
الشباب المنتفض يوم 05 أكتوبر 1988 وفي ظل غياب أي أطر أو قنوات كانت قادرة على توجيه تلك الطاقة بعدما فقدت المنظمات الجماهيرية مصداقيتها وتأثيرها على الشارع دخلت على الخط حركات و حساسيات وجدت في الأحداث الفرصة لركوب الموجة والاستحواذ على الشارع و خاصة منها التيار الإسلامي الذي لعب على وتر الدين واستطاع التأثير على مجريات الأحداث ليتم بعد ذلك و تحت ضغوطات الشارع بتأسيس أحزاب سياسية على أساس عرقي، ديني و جهوي بمقتضى أحكام دستور 1989 الذي فتح الطريق أمام التعددية الحزبية والإعلامية على مصراعيها وعاشت الجزائر أزهى أيام ديمقراطيتها الوليدة وغير الناضجة الى درجة أن بعض الممارسات فاقت حتى تلك المعمول بها في أعرق الديمقراطيات بل الى درجة التعدي على الآخر وحريته؟.
شهر العسل لم يدم طويلا لأنه و بينما كان على الأحزاب السياسية تطوير خطاب للتعايش و القبول بالأخر، أنتجت خطابا راديكاليا اقصائيا أدخل الجزائر في دوامة العنف ثم الإرهاب في عشرية كاملة ضاع معها الكثير من المكاسب وذهب معها السلم و الاستقرار و كان على الجزائر انتظار عشرية أخرى لتتصالح مع ذاتها ففي سنة 2005 عرض رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة ميثاق السلم و المصالحة الوطنية على الشعب الجزائري و الذي تمت تزكيته بالأغلبية و قد أعادت هذه المصالحة بعث منطق القبول بالآخر بعيدا عن التصنيف والإقصاء والإلغاء.
اليوم و بعد مرور 30 عاما على أحداث 05 أكتوبر 1988 علينا أن نسأل أنفسنا سؤالا جوهريا يتعلق خصوصا بالاقتصاد الوطني ونتساءل أين وصلنا في تنويع اقتصادنا و من ثمه تنويع مصادر دخلنا ؟ وإلى متى سنظل نعتمد بنسبة على المحروقات و يتحكم في مصيرنا رقم في بورصة؟.
نحن في زمن عولمة التهديدات، والجزائر التي أفلتت من مؤمرات ربيع الأوهام لمرتين تزعج كثيرا أعداء الدولة الوطنية بعدماأطاحوا بها في بعض الدول العربية بحجة التغيير و الديمقراطية ، انهم لا يريدون لهذه الدولة أن تبقى قائمة لأنهم يبحثون عن دولة «المال السايب» كما يقول المثل الجزائري.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)