ترددت كثيرا قبل الكتابة عن موضوع حرب أوكتوبر التاريخية، ولكنني أخيرا حزمت أمري وقررت الكتابة لأقارن بين هزيمة عبد الناصر التي كانت بفعل فاعل وانتصار أوكتوبر الذي كان مؤسسا على ما وضعه عبد الناصر من ترتيبات لتحقيق نصر باعه السادات بثمن بخس، فحرب العبور التي خاضها جنود ناصر بقيادة الشاذلي عز الدين كانت بالفعل حربا شريفة كتلك التي خاضها الجنود السوريون على الجبهة السورية وجميع هؤلاء الجنود أظهروا من البطولة العربية ما أدهشوا بها العدو كما أدهشوه بحرب المقاومة عام 2006 في جنوب لبنان وحرب غزة بحرب ال22 يوما والنتيجة التاريخية التي ينبغي الحديث عنها والتنويه بها هي أن الجندي العربي ليس كما صوره المتخاذلون العرب من الذيليين في الخليج وغيره على أنهم مغامرون وليسوا كما صورتهم الدعاية الأمريكية من جهة أخرى وهذه النتائج علينا أن نحافظ عليها وننظر إليها بعين الثقة ونحتفظ بها لأيام الشدة، ولكن بشرط البحث عن القادة من أمثال عز الدين الشاذلي وعماد مغنية ومن جهة أخرى علينا أن نتساءل عن حقيقة الدافع لخطوات السادات الخيانية التي أعقبت تلك الحرب تلك التي أدت إلى نفي عز الدين الشاذلي الذي احتضنته جزائر الشهداء، وإلى زيارة الخزي والعار التي قام بها السادات إلى إسرائيل خانعا ذليلا ليوقع على شروط الهزيمة بدل أن يأتي الصهاينة إلى القاهرة ليوقعوا على شروط المنتصر المصري، تلك الزيارة التي أذهلت العالم وأوقعته في حيرة وإرباك إذ أنها المرة الأولى في تاريخ الحروب التي يذهب فيها المنتصر إلى المنهزم ليوقع على شروطه وتنتهي الحرب باتفاقية كامب دافيد التي أبقت على سيناء تحت السيطرة الإسرائيلية حتى الساعة في الوقت الذي كبلت فيه مصر باتفاقية عجز الشعب المصري عن إلغائها وجاء الإخوان ليؤكدوا عليها قانونا وشرعا ومن ثم يرتحلون بعدما أدوا الغرض المنوط بهم كأنما كان ذلك شرطا لإيصالهم إلى السلطة بسيناريو يشبه السيناريو الصهيوني الذي وضع للسادات عام 1973... أمرنا عجب ومحير ! فالجنود المصريون الذين دفنتهم إسرائيل أحياء في سيناء ذات يوم يحرم عليهم دخولها بعد انتصارات أكتوبر إلا بإذن الصهاينة وبشروط مهينة بحيث لايمكن أن يتجاوز عددهم بضع مئات والجنود المصريون البواسل الذين عبروا القناة بقيادة الشاذلي عز الدين على جثث بعضهم وجماجم شهدائهم يصعب عليهم الإحتفال بالطريقة المناسبة لذلك النصر المؤزر وبطريقة تنسجم مع تطلعات عبد الناصر الذي واصل الليل مع النهار حتى تم له استعادة بناء الجيش المصري الذي مزقته خيانة أولئك الذين جلسوا مع العدو فيما بعد وصنعوا له انتصارا من كرتون ليوقع لهم صك الذل والمهانة ذلك الصك الذي كما يبدو قد تأبد! وبالمناسبة فإن الشعب المصري الأبي لا يمكن له أن يشعر بسعادة نصر ما مالم يطرد السفير الإسرائيلي من قاهرة المعز وأهرام الناصر الذي بنى عزة مصر في القرن العشرين ولا يظنن أحد من الناس أن النصر الذي يتجاوز هذه الحقيقة هو نصر بمقاييس الرجال الذين يصنعونه فهل يعي السيسي هذه الحقيقة ويكمل ما بدأه حتى نصفق له بصدق وفقا لما يستحق ؟.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 08/10/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : قيصر مصطفى
المصدر : www.al-fadjr.com