حراك سياسي في مجلس الأمة حول.. الشيفون هل نستورده، أم نمنع استيراده؟
يرافع فريق المدافعين عن استيراد الشيفون، أنه من منطلق إنساني بحث، يتم استيراد الألبسة المستعملة لبيعها في السوق المحلي بأسعار في متناول جميع الفقراء، من دون استثناء.
الحجة قوية وهي مقنعة.
يقول المدافعون عن استيراد الشيفون بأن المنع سيؤدي إلى غلق 15 مؤسسة، وإلى تسريح عمالها. الحجة قوية وهي مقنعة.
في الجهة المقابلة، علقت شعارات تعزف على وتر الوطنية وأوتار العاطفة وحجة هؤلاء، كيف يلبس الجزائري لباسا مستعملا بعد خمسين عاما من الاستقلال؟
الحجة قوية وقوية هي الحجة..
كيف تجمّدت أعصاب وعضلات أمة كل هذه المدة؟ أيعقل أن نبدأ العام الأول من هذه الخمسين بـ الشيفون ، لنكتشف بأننا نتحدث عنه بعد كل هذه المدة؟
هناك خلل ما..
من أيام ذكر أحد رجال الأعمال بأن 300 مليار دولار تصرف منذ أكثـر من عقدين على تدعيم الشغل. ولم يتم إنقاذ سوى 200 ألف وظيفة، في وقت كان بالإمكان أن يوفر نفس المبلغ 3 ملايين منصب شغل، بالإضافة إلى رقم أعمال سنوي يتجاوز المليار دولار، عن نشاط الاستثمار بهذا لمبلغ. ليس القصد من هذه المقارنة إثبات فرضية، أو عرض نظرية. القضية وما فيها، أن مناقشة الشيفون تجلب إليها اهتمام السياسة . ولا أقول بأن الأمر غير بريء. ولكن أكتب بأنه غير بريء، لقد اهتمت السياسة بنفايات الحديد.
وبسبب الشيفون غادر نواب قاعة المناقشات ، احتجاجا على كلام وزير لم يقل إلا الحقيقة الجارحة. بل كان ظريفا، لأنه لم يقل كل الحقيقة الجارحة. تلك الحقيقة التي تقول بأننا شيّدنا بنايات وأطلقنا عليها تسميات..هذه مدرسة، وهذا مستشفى، وتلك محكمة، وذاك مسجد. هناك، يوجد مقر البرلمان، وهنالك، مبنى الرئاسة. هذا مسرح، يشكو الوحدة، وتلك القاعة، كانت تسمى سينما..
وأين الحياة؟
قد نعتقد بوجود حراك سياسي يعمل على تفاصيل صغيرة، إلى درجة اهتمامه وانشغاله بـ الشيفون . لكن، ألا يدعو الأمر إلى التساؤل عن سرّ كل هذا النوم العميق الطويل، لنتذكر مفزوعين، كرامة الجزائري..
كيف عجزنا عن تعويض استيراد الشيفون بإنتاج النسيج؟ الجواب، هو أن السياسة قامت بتوفير ظروف غلق المؤسسات.
ولماذا نعجز عن تحويل نفايات الحديد ؟ هل المشروع مكلف وغير مفيد؟
منذ أن تحولت السياسة إلى التسيير والاستثمار، وجمعت بين التخطيط العام والخاص، تضاءلت تدريجيا، قبل أن تندثر الحواجز المانعة لتداخل المصالح. وأصبح اليوم من حق نائب أو موظف سامي تجاهل القانون وتحدّيه ورفض التصريح بالممتلكات هو أحد وجوه تجاوز القانون. لا يوجد ما يحمّر الوجه بالسعادة، بكذا مناقشات واحتجاجات. وحين نقارنها مع احتجاجات الأطباء المقيمين والمحامين الغاضبين والقضاة المفصولين والأساتذة المضربين والمضروبين، يزداد الاقتناع بانفصال مؤسسات عن واقعها.
والأمر الايجابي في مناقشات الشيفون ، أنها تحمل اعترافات، عن قبح المهمة. المعارضون يبررون موقفهم دفاعا عن كرامة الجزائري ، والمؤيّدون بـ حق جميع الفقراء في شراء لباس..
hakimbelbati@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/07/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : عبد الحكيم بلبطي
المصدر : www.elkhabar.com