تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاًهؤلاء أصحاب السلعة الغالية
كان معاذ بن جبل أحرص الناس وأعلمهم بالحلال والحرام وكان دائما ما يسأل عن الحرام مخافة أن يقع فيه وسأل الصحابي الكريم في يوم النبي صلى الله عليه وسلم فقال رضي الله عنه: ((قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار؟ قال: لقد سألت عن عظيم وإنه يسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئًا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جُنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل في جوف الليل. ثم تلا: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُن جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) السجدة:16-17.
*الجنة سلعة الله الغالية فمن هم أصحابها؟
الجنة هي سلعة الله الغالية وقد عزت دار الفردوس من دار وهي قصور مبنية طابت للأبرار منازلها وسكناها جل وتقدس من سواها وبناها غرسها الرحمن بيده وجعلها مستقرًا لأهله وخاصته وسلعته الغالية التي جعلها جزاء وفاقا للمؤمنين فملأها برحمته فيها الفوز العظيم والملك الكبير والنعيم المقيم.
قال تعالى: (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَواةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران:185.
ويحشر المتقون إلى الرحمن وفدًا ويساقون إلى الجنة زمرًا لقد وجدوا ما وعدهم ربهم حقًا رضي عنهم ورضوا عنه. فناداهم عز وجل: (ياعِبَادِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ ءامَنُواْ بِئَايَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) الزخرف:68-70.
وأول زمرة منهم يدخلون الجنة على صورة القمر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دريّ على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرةً وعشيًا (دَعْواهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَءاخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ) يونس:10.
يناديهم المنادي: لكم النعيم سرمدًا تحيون ولا تموتون أبدًا وتصحون ولا تمرضون أبدًا تشبون ولا تهرمون أبدًا وتنعمون ولا تبأسون أبدًا يحل عليكم رضوان ربكم فلا يسخط أبدًا.
وقال الله عن الجنة (وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الاْنْفُسُ وَتَلَذُّ الاْعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [الزخرف:71] (فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ ءاسِن وَأَنْهَارٌ مّن لَّبَن لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مّنْ خَمْر لَّذَّة لّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مّنْ عَسَل مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ) محمد:34.
*صفات الجنة
والجنة عالية الدرجات قصور مشيدة وأنوار تتلألأ وسندس وإستبرق وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة ظلها ممدود وطيرها غير محدود فاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون. قطوفها دانية للآكلين وطعمها لذة للطاعمين. قد ذللت قطوفها تذليلاً.
والجنة فيها أزواج مطهرة خيرات حسان الوجوه جمعن الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه.
وأصحاب الجنة يلبسون من سندس وإستبرق متقابلين ويحلون من أساور من ذهب ولؤلؤًا (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً) [الدهر:21] (يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَاف مّن ذَهَب وَأَكْواب ) [الزخرف:71] (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ) الطور:24.
*من هم أهل هذه السلعة الغالية؟
-أصحاب هذه السلعة الغالية حفظوا وصية الله ورعوا عهده وأمنوا بربهم وهم من خشيته مشفقون.
-استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا سرًا وعلانية في السراء والضراء يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة.
- يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون.
-يعرضون عن اللغو وللزكاة فاعلون ولفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين.
-لأماناتهم وعهدهم راعون.
- كثر استغفارهم فحطت خطاياهم.
- فيهم الشهيد المحتسب والعفيف المتعفف والسلطان المقسط والضعيف المتضعف المتواضع ذو الطمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره.
-أقوام يقطرون نزاهة أفئدتهم مثل أفئدة الطير فيهم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون.
- يتحابون في جلال الله فيهم صاحب القرآن يقرأ ويرتل ويرتقي فيهم تارك المراء ولو كان محقًا وتارك الكذب ولو كان مازحًا.
- عيونهم تبكي من خشية الله وعيون تحرس في سبيل الله يخافون من ربهم يومًا عبوسًا قمطريرًا فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرًة وسرورًا وجزاهم بما صبروا جنة وحريرًا.
ولكي تكون من أصحاب هذه السلعة الغالية اسمع لكلام النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال لصاحبه معاذ: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يارسول الله. قال: رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا نبي الله. فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا. قلت: يانبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به. فقال: ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم أو قال: على مناخرهم إلا حصائد السنتهم .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com