من الممتع أن تقرأ كتاباً خصص بالكامل للذاكرة، تقف عند كل فقرة وتبتسم، تقول في داخلك: صحيح.. كانت تفعل جدتي ذلك.. أو تكرر الكلمة القديمة التي لم تعد تسمعها وتتحسر على كل هذا الإرث الضائع. إنها الكاتبة فاطمة الزهراء أكسوح التي أنقذت ذاكرة طفولتها من الضياع المؤكد من خلال توثيق ذلك في كتاب ”الحياة العاصمية..إبّان الفترة الاستعمارية” بدعم من الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.وعلى امتداد 106 صفحة من الحجم الكبير تمنحك الكاتبة جولة في التاريخ العاصمي ومختلف تقاليدها المهددة بالانقراض، فتعرفك في البداية على عادات الحزن واحترام الموت، لتنقلك إلى أجواء الفرح وإلى حمام العروس ولباسها وكذا مختلف وسائل الأكل والنوم وحتى لعب الأطفال.الكتاب مدعم بمجموعة من الصور القديمة التي توضح مظاهر الحياة أثناء تلك الحقبة، بالإضافة إلى موضوعية الكاتبة التي نقلت بأمانة وحب كبير كل تفاصيل الحياة العاصمية آنذاك.الكتاب بسيط في لغته التقريرية لكنه عميق الهدف.. إذ تدعو الكاتبة من خلاله إلى ضرورة العودة لتلك الصفات الأخلاقية التي كان يتميز بها الجزائري.نستنتج أيضا من الكتاب الدور البالغ للمرأة العاصمية وجهدها الكبير في مقاسمة متاعب الحياة إلى جانب الرجل، بحيث لا تتوقف الكاتبة عن ذكر مهامها ومختلف الواجبات التي كانت تقدمها من دون تذمر ولا كلل... كما ركزت على مختلف التسميات الخاصة باللهجة العاصمية فذكرت ”الدوح.. النافخ.. التفل.. الجير.. التويزة.. تمينة.. مسمن”.. وغير ذلك. الكتاب توثيق جميل للذاكرة العاصمية التي لا تختلف كثيراً عن باقي مدن الجزائر العميقة.. يمكنه أن يساعد الباحثين في تاريخ مدينة الجزائر كما يمكنه أن يكون مرشداً جيداً لجو روائي. هاجر قويدري
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/03/2010
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com