الجزائر

نهاية حملة انتخابية "دون عنوان"!



نهاية حملة انتخابية

تختتم الأحزاب السياسية، اليوم، نشاطاتها بعد 3 أسابيع من حملة انتخابية رتيبة، لم تخرج عن السياق المتوقع لها، من حيث تفاعل المواطنين أو نوعية النقاش الذي صاحبها. وستدخل البلاد، ابتداء من غد، فترة ما يعرف ب"الصمت الانتخابي" الذي تمنع فيه التجمعات العامة، استعدادا ليوم التصويت المقرر يوم 4 ماي.رغم الجلبة التي أحدثها تنقل رؤساء الأحزاب ونشاط مرشحيهم في الطرقات والأماكن العامة طيلة أيام الحملة الانتخابية، إلا أن هذا الجو لم ينجح في إحداث الديناميكية اللازمة لحمل المواطنين على إعادة توجيه اهتمامهم نحو السياسة في وعائها التقليدي الذي تمثله الأحزاب، إذ ظلت النظرة نفسها طاغية على المشهد، لكل ما يمت بصلة إلى الانتخابات. لذلك كان تركيز الأحزاب، خاصة الموالية منها، في جل نشاطاتها على قضية دفع المواطنين للمشاركة وذم الآثار السلبية للمقاطعة، باستعمال خطاب "تخويفي" يربط المقاطعة بسيناريوهات مرعبة مثلما هو حاصل في ليبيا وسوريا.هذا الهوس بالمشاركة في الحملة الانتخابية، لم يقتصر على الأحزاب، فقد تصدّر الوزير الأول، عبد المالك سلال، الواجهة، خلال زيارته للولاية، وظهر كما لو كان مسؤول حزب المشاركة في الانتخابات، هو ووزيره للداخلية، نور الدين بدوي. وبذلك فهمت الرسالة لدى بقية المتبوعين من ولاة ورؤساء دوائر كانوا يلتقون بمنظمات المجتمع المدني لحثهم على بث روح المشاركة في صفوف الشعب. غير أن نهاية الحملة، جاءت بما لا تشتهيه الحكومة والأحزاب المشاركة، فقد أظهر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي براعة كبيرة في إنتاج فيديوهات لقيت صدى واسعا، على غرار "الرسالة" و"منسوطيش"، والتي صورت بدقة متناهية نظرة الجزائري إلى الانتخابات وانعدام أي أفق للتغيير أمامه يأتي من ورائها.هاجس العزوف الكبير للمواطنين، أفقد الحملة الانتخابية "الموضوع"، وجعل من قضية البرامج والتصورات هامشية في خطابات رؤساء الأحزاب الذين غرق أبرزهم في تراشقات لفظية هامشية ليس لها معنى إذا قيست بما يقولون إنها تحديات كبيرة تنتظر الجزائر على كل الأصعدة. ذلك ما حصل بين الحزبين المتعودين على احتلال الصدارة، جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، فقد اختار جمال ولد عباس في أكثر من مناسبة الهجوم على أحمد أويحيى، تارة بوصف حزبه بالمفبرك، وتارة أخرى بإحراجه عبر الحديث عن عدم وفائه للرئيس بوتفليقة وطموحاته الرئاسية، وهو ما اضطر أمين عام الأرندي لأن يرد بطريقته ويحاول إثبات ولائه الخاص لبوتفليقة دون أن يغامر بأي تصريح يقطع آماله في 2019، الأمر الذي أعطى الانطباع بوجود حملة انتخابية رئاسية داخل الحملة التشريعية.أما من جانب المعارضة، فما لوحظ هو تركيز الخطاب بشكل ظهر مبالغا فيه على القضايا الاقتصادية، مع إغفال الإشارة إلى الرئيس أو الأزمة السياسية. ولم يتمكن الإسلاميون، برغم تحالفاتهم، من صنع فارق كبير بينهم وبين غيرهم في تجمعاتهم، وظهر اعتمادهم كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي في استقطاب الجمهور، من خلال الفيديوهات التي كان ينشرها رئيس حمس، عبد الرزاق مقري، بشكل جعل المعركة الانتخابية، إن وجدت، تنتقل من الفضاء الطبيعي إلى الافتراضي، عبر منافسة شديدة بين صفحات الأحزاب والمرشحين "الممولة" في فيسبوك. أما زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، فقد ظلت وفية لخطابها اليساري التقليدي الذي يحذر من سياسات الحكومة الحالية الغارقة في الليبرالية المتوحشة عبر قوانين المالية والاستثمار، وكذلك الحال بالنسبة لجبهة القوى الاشتراكية التي حاولت استغلال الحملة الانتخابية في إعادة بعث مبادرة الإجماع الوطني، دون أن تحقق نجاحا كبيرا على هذا الصعيد، في حين اختار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الحملات الجوارية بدل أسلوب التجمعات الكبرى. وبرغم الحصار الإعلامي الشديد المفروض عليهم من وزير الاتصال، إلا أن المقاطعين لم يستسلموا وجابوا أكثر من عشر ولايات، لدعوة المواطنين إلى عدم المشاركة فيما يعتبرونها "مسرحية انتخابية"!




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)