قال رئيس اللجنة القانونية والإدارية وحقوق الإنسان بمجلس الأمة الأستاذ لمين شريط في حوار مع «الشعب»، إن الدستور بصيغته المعدلة «جاء بنقلة نوعية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطن»، يكرسها 110 تعديل و35 مادة جديدة، لافتا إلى أن بعض الأحكام لن تكون نافذة مباشرة، لارتباطها بصدور قوانين تحدد كيفية تطبيقها وتنفيذها. وبالنسبة له، فإن المادة السابعة من الدستور واضحة، إذ تنص على أن الشعب يمارس سيادته عن طريق الاستفتاء أو بواسطة ممثليه المنتخبين.- «الشعب»: تعتبر مصادقة البرلمان بغرفتيه، المقررة اليوم، المحطة الأخيرة قبل دخول الدستور بصيغته الجديدة حيز التنفيذ بمجرد صدوره في الجريدة الرسمية، ما هي الخطوات القادمة؟الأستاذ لمين شريط: لما يصادق اليوم البرلمان على مشروع مراجعة تعديل الدستور، يصدره رئيس الجمهورية في الجريدة الرسمية وبمجرد نشره فيها بقانون يصبح الدستور نافذا ومطبقا في كامل أنحاء الجمهورية. لكن لابد أن نفهم أن الأمر لا ينطبق على كل الأحكام، فبعض منها لا تكون نافذة مباشرة، لأن الكثير منها مرتبط بصدور قوانين تحدد كيفية تطبيقها وتنفيذها. هناك مجموعة من القوانين الجديدة، فعلى سبيل المثال يجب إعادة النظر في القانون العضوي المتعلق بالعلاقة بين البرلمان والحكومة وبين غرفتي البرلمان، وبين الحكومة والبرلمان، لأن تعديل القانون العضوي يوضح يبدو لي الأحكام الجديدة المتعلقة بمجلس الأمة في عدة مجالات اقتراح القوانين، والتعديل، والرقابة على الحكومة، أشياء لا يمكن تطبيقها مباشرة، وإنما تحتاج إلى قوانين عضوية.قبل ذلك، لابد من تعديل القوانين الداخلية والأنظمة الداخلية لمجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، لتوضح الأحكام الجديدة الخاصة بأعضاء البرلمان وبتنظيم الجلسات، الكثير من الأشياء الجديدة التي يجب أن تدرج في النظام الداخلي للغرفتين البرلمانيتين العليا والسفلى حتى تطبق أحكام الدستور الجديدة، هناك مواد تطبق مباشرة وأخرى تنتظر صدور القوانين الخاصة بها.- ما هي أهم مكتسبات السلطة التشريعية، ومجلس الأمة على وجه الخصوص؟ التعديلات التي مست السلطة التشريعية كثيرة في حقيقة الأمر، لكن لعل أولها وأهمها منح حق اقتراح القوانين لمجلس الأمة، إذ لديه الحق في اقتراح قوانين في مجال الجماعات المحلية، على غرار البلديات مثلا، وفي مجال تهيئة الإقليم، وفي مجال التقسيم الإداري.إلى ذلك، نسجل عديد النقاط الإيجابية في مجال السلطة التشريعية، بينها وضع آجال 30 يوما للرد على الأسئلة الشفوية والكتابية، بعدما كانت غير محددة الآجال في السابق وكانت الردود تستغرق شهرا أو سنة، لأن الحكومة كان أمامها كل الوقت.اللجان متساوية الأعضاء من جهتها أصبحت تجتمع وجوبا بعد 15 يوما عن نشوب الخلاف، كما يوجد أيضا اللجان الدائمة بالمجلس الشعبي الوطني التي من حقها إنشاء بعثة إعلامية مهمتها جمع المعلومات حول القطاعات في الولايات أو على المستوى الوطني كالنقل والصحة على سبيل المثال.من بين أهم التعديلات أيضا التي لا تقل أهمية، منح المعارضة في البرلمان حق إخطار المجلس الدستوري، 50 نائبا من المجلس الشعبي الوطني و30 عضوا من مجلس الأمة لرقابة قانون من القوانين، المعارضة لها الحق في جلسة تعقد شهرين في كل غرفة من غرفتي البرلمان لمناقشة جدول أعمال تقدمه مجموعة أو مجموعات برلمانية من المعارضة.- باعتبارك أستاذا مختصا في القانون الدستوري، كيف تقيّم الدستور في صيغته المراجعة؟أن أقيّمه بكل صراحة وبكل نزاهة، وكمختص جاء بكثير بالنسبة للجزائر، يقر تطورا كبيرا لبلادنا ومهم جدا في مختلف الميادين، لا سيما في مجال الحقوق جديدة وعديدة لم تكن موجودة قبلا، تتعلق مثلا بالصحافة وحرية العمل الصحفي، ومنع حبس الصحافيين، ومنع الرقابة القبلية، وحرية الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية، وكذا الوصول إلى مصادر الخبر وتبليغها إلى المواطنين دون المساس بحرية وكرامة المواطنين.هناك حقوق كثيرة من بينها حق المواطن والإنسان في البيئة، وواجب حمايتها من قبل الدولة، بالإضافة إلى حقوق المغتربين الجزائريين، لم تكن موجودة الذين باتوا بموجب مراجعة الدستور يتمتعون بتكفل الدولة بمشاكلهم وانشغالاتهم وتوطيد الروابط بينهم وبين الوطن. في الحقيقة التعديلات التي جاء بها الدستور في مجال حقوق الإنسان والضمانات كثيرة ومهمة وأساسية وتتماشى مع الاتفاقيات الدولية ومع الوضع في العالم، هي حقوق حديثة ونستطيع القول إن هذه الحقوق مهمة جدا للجزائر والجزائريين والإنسان عموما.الإيجابيات والمكتسبات كثيرة في أسمى القوانين في السلطة التشريعية والتنفيذية، وكذا استحداث مجالس متخصصة مثلما هو الشأن بالنسبة للمجلس الأعلى للشباب والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، مجلس البحث العلمي والتكنولوجيا والحريات الأكاديمية، دسترة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كلها أشياء جديدة تعتبر مؤسسات تعبر عن تطور مهم جدا.بالنسبة للمجتمع المدني لابد من عدم إغفال المادة 14 من مشروع الدستور التي تقر الديمقراطية التشاركية، مسألة مهمة عبارة عن طرق جديدة لإشراك المواطنين في تسيير الشؤون المحلية البلدية والولائية، بالإضافة إلى عنصر مهم جدا يخص الرقابة على دستورية القوانين تم توسيعها بشكل كبير جدا، إذ أن إخطار المجلس الدستوري لم يعد مقتصرا على رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الأمة ورئيس المجلس الشعبي الوطني، بل هناك أطراف أخرى، بينهم الوزير الأول وأعضاء البرلمان والمواطنون الذين يستطيعون إخطار الهيئة عن طريق المحكمة العليا ومجلس الدولة.إن مراجعة الدستور قد حملت أكثر من 110 تعديل و35 مادة جديدة كلها أشياء إيجابية، دستورنا جاء بنقلة نوعية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطن، هو تعديل أقل ما يقال عنه إيجابي جدا.- تمرير مشروع مراجعة الدستور عن طريق البرلمان كان محل انتقاد من قبل المعارضة، رغم أن الخيار مخول دستوريا لرئيس الجمهورية، كما أن البرلمان يمثل الشعب وفق ما يؤكده المختصون في القانون؟ الدستور واضح تماما في هذا الشأن، إذ أن المادة السابعة منه في الفقرة الثالثة تنص على أن: «السلطة التأسيسية ملك للشعب. يمارس الشعب سيادته بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها. يمارس الشعب هذه السيادة أيضا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخبين. لرئيس الجمهورية أن يلتجئ إلى إرادة الشعب مباشرة».وبالتالي فان كلام المعارضة غير قانوني، إذ أن الخيار المخول دستوريا لرئيس الجمهورية لا يعني بأي حال من الأحوال، تقويضا لإرادة الشعب ولا لكلمته، فالشعب يمارس سيادته عن طريق الاستفتاء أو بواسطة ممثليه المنتخبين وفق ما ينص عليه الدستور، ولتمرير الدستور عن طريق الاستفتاء أو عن طريق ممثليه نفس القيمة القانونية.ثم لماذا نذهب إلى استفتاء عندما يتعلق الأمر ببعض التعديلات التقنية فقط، مادام البرلمان موجودا للمصادقة عليها، وهو لا يعبر بأي حال من الأحوال عن إرادته، هو يتصرف كممثل للشعب ونائب عنه، والبرلمانيون لا يمثلون أنفسهم وإنما الشعب، واجتماع اليوم يعبّر عن إرادة الشعب وليس عن إرادة البرلمانيين، لكن الدستور يقول حالات معينة للاستفتاء عندما يمس بالمبادئ العامة، وحقوق الإنسان، والتوازنات بين السلطات.
تاريخ الإضافة : 06/02/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : فريال بوشوية
المصدر : www.ech-chaab.net