الجزائر

نقاش اليوم الأول من الندوة الدولية للوطن يعود لبحث الإشكالية ..الثورات العربية سقطت في صراع ''اللاأسلمة بهدف الدمقرطة''



بحث النقاش في يومه الأول من ندوة ''الوطن'' الدولية المعنونة ب ''الربيع العربي: الثورات والثورات المضادة''، إجابات لأسئلة هامة، تخص معنى الثورات العربية من الناحية السياسية والاجتماعية وبحث النقاش أيضا في مدى صحة ومصداقية إطلاق مصطلح ''ثورة'' على ما يجري في الأمصار العربية، إذ تراوحت الآراء بين مؤيد للثورة ويرى آخرون أنها انتفاضات ولكل طرح ميزة.بعد أن انتهى المحاضرون الأربعة من مداخلاتهم، جاءت أولى الأسئلة في النقاشات لتبحث التعريف الأكاديمي والإصطلاحي للثورات، واتصل بهذا التساؤل، تساؤل آخر يبحث في التعريف العربي والتعريف الغربي، ليس للثورات بشكل عام، بل ''للثورات'' التي تشهدها دول من المنطقة العربية حاليا.
الثورة ''مدروسة'' والانتفاضة ''فجائية'' والقياس على الأحداث العربية
وعاد المتدخلون أيضا الذين لم تقتصر تدخلاتهم على التساؤلات فحسب، بل أيضا على طرح أفكارهم وإضافاتهم على النقاش، عادوا إلى الظروف التي ظهرت وفقها تلك الأحداث في المنطقة العربية، وماذا كانت أولى الانطباعات والمواقف الغربية من الثورات العربية في فترة زمنية محددة (ثلاثة أيام الأولى من الاحتجاجات)، وتمت مقارنتها بالمواقف التي صدرت عن مختلف القوى في العالم بعد تطور الأحداث والمعطيات، ليبني النقاش لبنة لبنة الأساسات التي ارتكزت عليها تسمية ''الثورة''، إذ ذكر المتدخلون مثالا حيّا عن أولى المواقف إزاء الثورات، وكانت تصريحات وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة خلال اندلاع الثورة التونسية ''ميشال أليو ماري''، مرجعية أساسية لبعض المتدخلين. إذ تم تسليط الضوء على وقوف الأخيرة إلى جانب النظام بدل الشارع وكيفية تطور المواقف الفرنسية إزاء ''ثورات'' أخرى في مواقع أخرى من الوطن العربي، ليفضي هذا الطرح إلى أن بعضا من المسؤولين السامين الغربيين أخطأوا في تحديد مفاهيم الثورة العربية بناء على أخطائهم في فهم الشارع العربي.
وانقسم الرأي العام في القاعة بين تسمية الأحداث بين مؤيدين لمصطلح ''الثورة'' وبين مؤيدين لمصطلح ''الانتفاضة''. فأنصار المصطلح الأول يعتبرون أن الأحداث لم يسبق لها مثيل في النتائج نظرا لما حققته من تغيير سياسي واجتماعي واقتصادي ''مما يجعلها بدون تردد ثورة على أوضاع كانت مكرسة ومرسخة بشكل لا يوحي بأنها ستتغير''، ومن هنا انطلق أنصار الطرح الداعي إلى تسميتها ''بالانتفاضة''، إذ يقدمون تبريرا مفاده ''أن التغيير جاء فجائيا وغير مخططا له، وبالتالي الثورة لا تقبل مثل هذه المكونات والعناصر، وهي تشترط وجود رواد وبرنامج ثوري له أهداف محددة مسبقا ويصل في النهاية إلى نفس الأهداف المحددة في الواقع قبل انطلاق الأحداث''، وكان من أبرز المدافعين عن هذا الطرح البروفيسور جمال قريد (جامعة وهران) إذ قال ''الثورة حركة منظّرة معقلنة، معدة سلفا ومسيّرة من طرف قيادة مركزية والانتفاضة عفوية فجائية لا أحد يستطيع التكهن بحدوثها ولا بنتائجها''.
الثورة المضادة.. إرهاب، مؤامرة وفزاعة الإسلاميين
على هذا الصعيد، طرح البعض قضية صراع ئتوجهات سياسية تريد أن تكسب الثورة لصالحها وهي تحويل مكتسباتها عن طريق ''اللاأسلمة بهدف الدمقرطة''، وهو التوجه الذي يقابله أنصار الفكر الإسلامي السياسي، ليصبح الديمقراطيون والإسلاميون (الإخوان المسلمون والنهضة). وأكد المحاضرون ومنهم جمال قريد أن تونس وليبيا خير دليل على هذا الصراع السياسي ''فأصبح ظاهرا أن طرابلس حررها الإسلاميون والحكم يسعى وراءه الديمقراطيون) وبالتالي أضحى الطرفان أهم أقطاب الصراع حول نتائج الثورات. كما كان الطرح الأبرز بدرجة أقل في النقاش أيضا، يخص اختلاف طلبات الشعوب العربية في الأحداث، ''فالقاسم المشترك بين الشعوب هي عبارة الشعب يريد...'' لكن هناك من يريد إسقاط النظام وهناك من يريد الكرامة وهناك من يريد العدالة الاجتماعية وهناك من يريد الحرية''، يقول البعض.
كما حذّر متدخلون من الثورات المضادة ''للثورات العربية'' التي يقودها أتباع الأنظمة المتهاوية والمندسين على حد وصفهم باستعمال أشكال مقاومة تتمثل في تفسير ما يحدث بأنه مؤامرة خارجية وأنه في بعض الأحيان إرهاب، وفي أمصار أخرى يفسرها النظام بأنها محاولة إنقلابية يقودها الإسلاميون للاستيلاء على السلطة، وتخويف الرأي العام بفزاعة الإسلاميين وتصويرهم على أنهم يشكلون تهديدا للثورات، وهو ما طرح البعض لفكه، الجلوس على طاولة الحوار والنقاش دون إقصاء لصناع الثورات.
الأستاذ بلال يوسف مغربي الجنسية لكنه يدرس بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية، يعرف المغرب جيّدا ويتابع الأحداث بشكل كبير، من المدافعين عن فكرة إبعاد الإسلاميين وإقصائهم كشرط وحيد لتحقيق الديمقراطية، لكنه في نفس الوقت يؤكد أن في الوطن العربي ثورات مؤجلة ولا يستبعد أن يكون المغرب الأقصى، مسقط رأسه، أحد عناوينها البارزة.
لقد تحدثت في مداخلتك عن قضية تحاول توجيه الصراع السياسي في خضم الثورات العربية، وهي أنه توجد أطراف تطرح بقوة فكرة ''اللاأسلمة كشرط للدمقرطة''، هل أصحاب هذا التوجه يشكلون خطرا على مكاسب الثورات العربية في اعتقادك؟
المطروح اليوم في خضم الثورات العربية هو نوع من الفكر الاستشراقي المرتبط بنوع من الفكر الاستعماري الذي كان سائدا على بلدان العالم العربي، كما يسود بعض التناقض بين قيم الإسلام سواء على مستوى العقيدة أو التاريخي أو الفلسفي أو الحضاري، وقيم الديمقراطية أو الممارسة الديمقراطية. فهذا الطرح أصبح له أنصار يدافعون عنه وكمثال لدينا برنارد لويس وبعض ما يسمى بخبراء الحركات الإسلامية في أوربا وهذا الخطاب نجده كذلك على مستوى الأنظمة العربية المستبدة. وفي الواقع هذا الإستعمال من طرف اللأنظمة الهدف منه تسويقه للقوى العظمى وعلى المستوى الداخلي لتجعل جزء من المجتمع يتخوف من الحركات الإسلامية، وهذا الطرح ينبغي أن يخضع لتحليل موضوعي وواقعي.
لكن هل تعتبر أن في قوى المجتمعات التي عرفت الهبات الشعبية للتغيير أو الثورة العربية من هو مدرك لهذا التوجه ولديه من آليات الدفاع ما يؤهله لحماية ''مكتسباتها الثورية'' ؟
بطبيعة الحال المطروح حاليا، هو ضرورة البحث عن توافق بين مكونات مختلفة من المجتمع والحركات الاحتجاجية التي تتميز بدورها بالاختلاف أيضا، فهناك التيارات العلمانية والإسلامية، وأخرى تنتمي للنقابات وأخرى حركات حقوقية لها علاقة بالهوية كالأمازيغ، وبالتالي كل هذه المكونات في الحركة الاجتماعية ينبغي أن تتفق فيما بينها حول اللعبة الديمقراطية وشروط النظام الديمقراطي الذي سيُبنى في المستقبل. الجميع يتفق حول الحقوق والحريات، ولا يمكن أن يكون إدراكا لما يتهدد الثورات أو الاحتجاجات ومكتسباتها.
في المغرب نلاحظ أن هناك عودة متقطعة للاحتجاجات، وآخر عودة هي لأحداث الحسيمة المستمرة منذ أول أمس، هل يمكن أن تتطور إلى ثورة بالنظر إلى المعطيات المتوفرة لديك؟
من الممكن أن تتطور الأحداث في الحسيمة إلى ثورة، وهنا يجب الأخذ بالحسبان كل الظروف المواتية داخليا والشروط المتوفرة عربيا، وبالتالي قد يكون المغرب مسرحا لثورة عربية جديدة مثلها مثل دولة أخرى.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)