أحيت الفنانة نعيمة توابي عيد المرأة بمعرض قدمت فيه 35 لوحة جسدت ابداعاتها ذات الخصوصية الأنثوية والإحساس الإنساني الراقي، بما يحمله من تطلعات نحو عالم أفضل لايظلم فيه أحد.
أغلب اللوحات من الحجم المتوسط، والصغير، يتناول موضوع المرأة الجزائرية، حيث تحضر كلّ الألوان والأشكال والأطياف والشخوص والحكايات، لتجسّد الفكرة وتصنع الفرجة.
تكثر في لوحات نعيمة الشخوص والأطياف التي يترجمها بامتياز الأسلوب التجريدي المعتمد كثيرا عند هذه الفنانة المحترفة، وتحضر أيضا الأشكال الهندسية (المكعبات) التي تكرّر عبرها الفنانة الشهادتين، بدورها تتزاحم الرموز التي لها ما تقول داخل حيز كل لوحة.
يبدأ المعرض من لوحة تسمى ”المسجد” ورغم أنّ هندسته واضحة ومعروفة للعام والخاص، إلّا أنّ الفنانة أخضعت هذه الهندسة للأسلوب التجريبي، فبدأ وكأنّه قطعة من خيال أو من حلم جميل يرتبط فيه اللونان الأصفر والأخضر، كذلك لوحة ”الشفق” التي تتداخل فيها الألوان الفاتحة والأشكال الهندسية المختلفة وشخوص البشر والحيوانات والأشياء، باعتبار أنّ الشفق يمسّ كلّ الكون بما فيه من أحياء وجماد.
تحضر في معرض الفنانة الطبيعة والمرأة باستمرار وتكرار، إذ نجد لوحة ”الصحراء”، مثلا و”الجمل الأبيض” وغيرها بألوان داكنة وطبيعة مفتوحة.
عرضت لوحة ”طائر النحام الوردي”، ”المرأة الشاوية”، ”المرأة الترڤية”، ”المرأة التوأم”، ”الثرثارات”و”الراقصة الحزينة” وكذا ”الأمومة”، ”البجعة”، ”آفاق” و”الزوبعة” غيرها، وتظهر المرأة في بعض اللوحات خاصة ”الشاوية” و”الترڤية” و”الثرثارات” بلباسها التقليدي الأصيل، وبحليّها الفضية ذات تقنية نحاسية مدبّبة تظهر الحلي وكأنّها حقيقية.
وتظهر ”الثرثارات” في وشوشة حميمية في عتمة الليل، بعض تلك النساء مثل ”الترڤية” مثلا بغير تقاسيم وجه، إذ حاولت الفنانة استحضار تفاصيل لباسها أكثر من تفاصيل وجهها.
ترتبط المرأة بالأمومة فلم يكن معقولا أن يخصّص معرض للمرأة في غياب أسمى صفة تمتاز بها، خاصة وأنّ الفنانة تعطي دوما الأولوية للأم الجزائرية ذات الإحساس المفرط كلّما تعلّق الأمر بأبنائها.
ما يميّز هذا المعرض هو الحضور المكثف للآيات القرآنية والأدعية المأثورة والأحاديث النبوية الشريف، وكلها مكتوبة بخط ذهبي يتوسط الكثير من اللوحات منها لوحة ”طبيعة وسورة” التي تتجسّد فيها روعة الطبيعة خلق الله وتتوسّطها آية الكرسي.
وتوجد لوحة ”النحام الوردي” في مفترق الطريق، ثم يختار طريقا معبدا بالألوان والورود مكتوب عليها أذكار الصباح والمساء.
وهناك لوحة ”التجريدي المهندس” وهي مكعبات كتبت عليها الشهادتان وكذا ”الزوبعة” التي يوجد في قلبها اسم الجلالة وأيضا ”القلب” الأحمر المليء بذكر الله، ولوحة ”آفاق” التي يتكرر فيها اسم الجلالة و”تفاحة آدم” وغيرها من اللوحات التي بها آيات أو رموز دينية.
هذا الحضور الديني أرجعته الفنانة في تصريح ل”المساء” ” لمدى حضور الجانب الديني في وجدان المرأة الجزائرية، فمهما بلغت من تطوّر ومن اعتلائها للمناصب الإدارية أو العلمية أو السياسة، فإنها مرتبطة بدينها وهويتها، كما حاولت أن تظهر جمالية ديننا الذي هو دين تفتّح ودين وسط بعيد عن العلو، فربطته بكل ما هو جميل وحسن”.
من جهة أخرى، أكّدت الفنانة أنّ معرضها الذي سيستمر إلى غاية 18 مارس الجاري، ما هو إلا تكريم للمرأة رمز الوجود والعطاء، التضحية، كما أنها أهدت معرضها لروح الفنانة الراحلة باية، المعروفة بخط فني ابتدعته (الفن السادج) والذي أصبحت من خلاله مدرسة وعنوانا للفنانة الجزائرية، كما أنّها أصبحت رائدة الحركة التشكيلية الفنية النسوية التي مهّدت الطريق لجيل من الفنانات.
للتذكير، فإنّ نعيمة توابي من مواليد 19جويلية 1961 بالعاصمة، وهي فنانة تشكيلية وأستاذة للرسم منذ 30 سنة، كما أنها عضو في الاتحاد الوطني للفنون الثقافية، تقدم معارضها الفنية منذ سنة 1984 داخل وخارج الوطن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/03/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : مريم ن
المصدر : www.el-massa.com