انتهت حالة الترقب والقلق التي عاشها الجزائريون منذ أحداث جانفي الفارط في انتظار موقف من الرئيس أو كلمة يقول فيها: فهمتكم!؟ مجرد كلمة تعني لهم أنهم مواطنون يُصغى لآلامهم ومشاكلهم، وأنهم ليسوا على مثـل تعبيرهم الشعبي: ''مال بلا راعي''..
لكن الرئيس أطل من قيامته، حاملا كلاما من الواضح أنه قرأه تحت الطلب.. قرأه دون تمعن ولا قناعة، حتى أنه لم يشعر بتناقضه تماما مع كل ما قاله طيلة الاثني عشرة سنة الماضية.. تراجع عن كل ما دافع عنه، وما غيّر الدستور من أجله، وما تحدى الإرادة الشعبية فيه.. وبعد ذلك، لم تبد عليه يقظة ضمير ولا ندم على ما اقترفه في حق الجزائر، بل كان يقرأ كلاما كتبوه له دون إحساس بالمسؤولية، ولا بتداعيات قراراته على مستقبل الجزائر.. وباختصار، برهن للجزائريين مرة أخرى أن الرئيس ليس هنا!؟
على الأقل بالنسبة للجزائريين الذين أحس بنبضاتهم، كانوا ينتظرون مثـلي الإعلان عن خطوات عملية للبدء في التغيير. وأولى هذه الخطوات هي فتح مجال العمل السياسي، والنشاط الاجتماعي والإعلامي والنقابي. وثـاني هذه الخطوات حل البرلمان الذي سيطر عليه ''البفارة'' و''أصحاب الشكارة''، كما يسميهم الشعب، وانتخاب برلمان جديد من كفاءات قادرة على التشريع وتحمل المسؤولية. الخطوة الثـالثـة تحسين الوضع المعيشي للمواطنين والإسراع في حل مشاكلهم المزمنة (غلاء المعيشة، البطالة، السكن، الصحة، التربية، العدالة... إلخ). الخطوة الرابعة بدء العد العكسي لانتقال السلطة سلميا من أجهزة الأمن إلى مؤسسات الدولة ومن ثـمة إلى الشعب السيد..
بغضّ النظر عما نسبه الرئيس إليه من إنجازات، وبينها المصالحة الوطنية ودفع الديون، وكلاهما محل اختلاف بين الاختصاصيين من نوع أن المصالحة لم يستفد منها سوى الإرهابيين على حساب محاربي الإرهاب، وأن تكلفة الديون كانت أكثـر خسارة للجزائريين من دفعها في وقتها المحدّد، خاصة أن الجزائر تعيش بحبوحة مالية غير مستعملة، وهو ما يعني أن ذلك كان مجرد سوء تسيير وتبذير للأموال.. قلنا بغض النظر عن الاختلاف حول ما أسماه الرئيس إنجازاته، فإن الجزائريين، وهم أذكياء بطبيعتهم، يعرفون أنهم ليسوا بحاجة إلى لجان لدراسة الدستور، ولا قانون الانتخاب، ولا قانون الولاية والبلدية.. وكل تلك الأوراق المكدسة بلا فاعلية.. ثـم من ينشئ هذه اللجان؟ هل هذه الحكومة الفاسدة وأحزاب تحيا.. تحيا.. وشخصيات على غرارهم.. لابد أن هناك من يضحك علينا في هذه المسرحية!؟
أعتقد أن أفضل لجنة ينشئها الرئيس الآن هي لجنة تعداد إنجازاته بعد اثـني عشرة سنة من حكمه، وهي الإنجازات الملموسة في الشارع، مثـل استشراء الفساد، وتبذير أموال الشعب، وسوء التسيير، وغلاء المعيشة، والبطالة، وأزمة السكن، والجهل، والفسق، وشراء الذمم، والمحاباة، والوعود التي لم توف أبدا.. هذه هي الإنجازات العظيمة. وكان على الرئيس أن يطالب بالشروع فورا في محاسبة المسؤولين على ذلك، واتخاذ قرار شجاع بانتقال هذا الشعب سلميا إلى مستقبل آخر لا يوجد فيه رموز هذا النظام المحتقرين للجزائريين. لكن الرئيس اختار اللعب السياسي، كعادته، مرة أخرى على حساب الأجيال القادمة.
aghermoul@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/04/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : عبد العزيز غرمول
المصدر : www.elkhabar.com