نظام الوقف في الفقه الإسلامي والتشريع الجزائري "المفهوم والخصائص"

بدأ اهتمام الأمة الجزائرية يتوجه في عمومه بعد الاستقلال إلى الرجوع إلى أصولها الدينية والتمسك بها بما أمكنها من وسائل، وإن من الأصول الأخلاقية لهذه الأمة هو تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي الذي رغب فيه الإسلام ودعا إليه، وإن من أبرز مظاهره العملية التي يتمثلها هو نظام الوقف الإسلامي الذي حافظ للأمة الجزائرية على عقيدتها ولغتها وهويتها العربية الإسلامية، إذ من مقاصده الحفاظ على العقيدة بالوقف على مدارس العلم وطلبته، وتشجيع بناء المساجد، كما أن من مقاصده الحفاظ على كلية النفس التي بها يحفظ الدين، وذلك بتوفير الحد الأدنى من الكفاية لمن يوقف عليهم من بساتين أو دور يرجع ريعها عليهم سدا لحاجاتهم الإنسانية من طعام وشراب وكسوة، كما أن من مقاصده الحفاظ على كلية العقل بما يوقفه العلماء من تراث علمي وفكري يوجه عقل المسلم وفكره التوجيه الصحيح نحو معرفة الله ومعرفة حدود شريعته، كما أن من مقاصده الحفاظ على أصل المال، إذ الواقف يوجه ماله إلى منفعة الأمة ليصبح في خدمة مجموعها حتى وإن كان الوقف ذريا، إلا أن ما تنتجه الأرض الموقوفة عليهم من زرع وثمار تستفيد منه باقي الأمة، وبذلك يحافظ على مبدأ تداول المال والمنافع بين أفراد الأمة ومجموعها. ولهذه المقاصد والغايات كان توجه الدولة الجزائرية للاهتمام بالوقف وحمايته والعمل على استرداده واستثماره في سبل الخيرات.