انتقدت الباحثة السوسيولوجية نصيرة مراح ما اعتبرته "العقليات المتحجرة" لبعض المسؤولين الذين ينتابهم الهلع بمجرد رؤية المرأة وهي تنخرط في العمل السياسي و تتبوأ المناصب العليا في المؤسسات الإدارية والاقتصادية وتتفوق في عدة مجالات. وأشار باحثون وإعلاميون إلى المعاناة التي تتكبدها يوميا المرأة الريفية التي لا تعرف شيئا اسمه السياسة والإعلام و التكنولوجيا وأشياء أخرى ، داعين إلى التكفل الجدي بها وإشراكها في المسيرة التنموية.
لم تترك الأستاذة نصيرة مراح مجالا إلا وعددت فيه أمثلة حية عن الغبن الذي تتعمد عدة أوساط تسليطه على المرأة ، في مداخلة مطولة ألقتها في الملتقى الوطني التكويني حول "واقع المرأة وتشريعات العمل في الجزائر" الذي انتظم على مدار اليومين الفارطين بفندق الأمير وسط مدينة عنابة بمبادرة من الجمعية الوطنية "نساء في اتصال" . وشددت المتحدثة على أن الحكومة مطالبة بتفعيل التعديل الدستوري الأخير في شقه المتعلق بترقية الحقوق والمشاركة السياسية للمرأة ، وصبت الباحثة جام غضبها على بعض الأحزاب السياسية والجمعيات النسوية التي "تتاجر باسم المرأة لتحقق المكاسب والمغانم من وراء ذلك دون أن تغير من الأمر المر شيئا فتبقى الحال على حالها " وهو الموقف ذاته الذي شاطرتها فيه النقابية ومديرة المركز الوطني للدراسات والبحوث النقابية سابقا الأستاذة نصيرة زغودة التي طالبت هي الأخرى بإخراج قضية المرأة الجزائرية من الحسابات السياسية والحزبية ، ودعت "النساء اللواتي يتبوأن مناصب سامية في هرم السلطة ومؤسسات الدولة إلى الوفاء بالتزاماتهن لأن مهمتهن ستنتهي آجلا أو عاجلا وسيصدر التاريخ حكمه على ما قمن به في سبيل ترقية المرأة و المجتمع عموما". وأجمعت المداخلات على حقيقة واحدة مفادها أن " نضال الصالونات لن يزيد المرأة في الجزائر إلا غبنا على غبن" ورفضت الأستاذتان نصيرة مراح و نجية زغودة النضال الذي تدعيه بعض المتاجرات بقضية المرأة في منتجعات الجزائر العاصمة والفنادق الفخمة ودعتهن إلى "اختراق المناطق النائية التي لا تزال محظورة بسبب تقاليد بالية وسلوكات مشينة تارة باسم الدين وطورا بعنوان التقاليد المحافظة ". وتشعبت المناقشات على الموائد المستديرة والورشات التكوينية التي شارك فيها إعلاميون و مناضلون من الجنسين ، وفي السياق ذاته أشارت النقابية خضرة حواوسة إلى أن مشكل المساواة بين الرجل و المرأة في الحقوق و الواجبات مطروح فقط على مستوى قمة الهرم حيث لا يزال البعض يتعمد قطع الطريق على السيدات اللواتي يطمحن إلى الوصول إلى المناصب الرفيعة ، بينما المشكل لا يطرح إطلاقا على مستوى القاعدة ، تضيف خضرة حواوسة ، فالواقع يؤكد قبول الرجال فكرة التعايش مع المرأة من زاوية أن التعاون بينهما في جميع المستويات لن يؤدي إلا إلى الرقي بالمجتمع بمختلف مكوناته وأطيافه على خلفية أن جزئيات الحياة الأسرية تنعكس آليا على الحياة الاجتماعية سواء بالسلب أو الإيجاب. وأقر رجل الأعمال حميد حابر بأن "المجتمع الذكوري لا يزال رافضا لسيدات الأعمال والمرأة العاملة بشكل عام " مستدركا أن النجاحات العديدة التي حققتها المرأة لا يكمن تجاهلها أو تجاوزها بأي شكل من الأشكال".
وطرح الإعلامي "ج.م" مقاربة أخرى مفادها "أن الحديث عن المساواة بين الجنسين يفقد معناه ما لم تجسد هذه المساواة بين الجنس ذاته" مشيرا إلى "الفوارق الاجتماعية الرهيبة و الهوة التي تزداد يوميا اتساعا بين المرأة في المدينة ونظيرتها التي تكابد المعاناة اليومية في القرى والمداشر والمناطق الريفية المعزولة" فالمرأة هنا ، يقول المتحدث "لا تعرف أي شيئ عن السياسة والتكنولوجيا وأحاديث الصالونات لأنها ببساطة منشغلة بمواجهة قيود الطبيعة ومجابهة الضغوط المجتمعية و يكفيها يقول جلال مناد أن يرفع عنها الغبن والاضطهاد والفقر حتى تشعر بالاستقلال ذي المعنى الحقيقي للكلمة". وكشف الصحفي ذاته عن قضية أخرى أكثر بشاعة تتعلق باختفاء قروض الدعم الموجهة لترقية المرأة الريفية ، ذاكرا أن 10 نساء من ولاية الطارف مثلا قدمن ملفات طلب الدعم قبل نحو سنتين وتمت الموافقة عليها من قبل لجنة مشتركة بين وزارة الفلاحة وجمعية نسوية تنشط باسم المرأة الريفية ، لكن هؤلاء النسوة تفاجأن باختفاء المشروع في ظروف لا تزال توصف بالغامضة. وهي حقيقة عقبت عليها الأستاذة ياسمين مدني عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية "نساء في اتصال" حين كشفت أنها تفاجأت لما حصلت على إحصائيات رسمية تؤكد حصول 300 امرأة فقط في الولايات ال 48 على قروض الدعم الريفي ، ما جعلها تدعو إلى لفت انتباه السلطات إلى بحث السبل الكفيلة لترقية المرأة الريفية حتى تسير جنبا إلى جنب مع نظيرتها في المدينة. واستجابت الخبيرة نصيرة مراح وزميلتها زغودة نجية والباحثة ياسمين مدني لطلب تنظيم أيام دراسية وطنية حول "واقع المرأة الريفية وآليات ترقيتها" قد تحتضنها ولاية الطارف الحدودية نهاية شهر نوفمبر المقبل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/10/2009
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : جمال مناد
المصدر : www.eloumma.com