لم يصبر زعيم حزب الله حسن نصر الله طويلا، ليخرج ومعه الآلاف في مسيرة ظاهرها إعلان غضبه وغضب شيعة لبنان على الفيلم "براءة المسلمين" المسيء للرسول الكريم، وباطنها محو آثار أقدام البابا بنديكتوس ال16، الذي زار منذ يومين لبنان وأقام قداسا في واجهتها البحرية حضره مئات الآلاف من اللبنانيين.
إنها حرب المظاهرات والمظاهرات المضادة إذن في بيروت، وإن كانت هذه المرة بصورة سلمية، وتجنب تبادل التهم مثل ما تعودنا عليه في المظاهرات اللبنانية السابقة.
الرسالة التي يريد أن يرسلها نصر الله إلى العالم، الذي شاهد وسمع كلام البابا الذي أكد فيه على السلام والحلول السلمية للقضية السورية، وعلى حماية المسيحيين في سوريا ولبنان أمام تعاظم التيار السلفي، هي أن لبنان لم يعد الدولة الشرق أوسطية ذات الأغلبية المسيحية مثلما يريد الغرب التأكيد عليه، لبنان دولة مسلمة وذات أغلبية مسلمة، وأن الشيعة فيها قوة سياسية وعسكرية وقوة في التشكيلة الاجتماعية لهذا البلد حتى وإن بخسهم حقهم اتفاق الطائف، الذي أقر بطائفية المجتمع اللبناني عندما قسم عليهم الأدوار السياسية.
رسالة أخرى أرسلها نصر الله الشيعي إلى السعودية السنية، فحواها أن هذا البلد الذي شهد ميلاد الرسالة المحمدية، ويدعي السنة، لم يخرج غضبا ونصرة لرسول الله، مع أنهم يدعون أنهم الأولى بالانتساب لأهل البيت؟!
لكن أهم الرسائل على الإطلاق هي استعراض العضلات، تحسبا لأي هجوم أجنبي على سوريا، خاصة وأن حزب الله يأتي في المرتبة الثانية من أهداف الحرب الدائرة على أرض سوريا بعد إسقاط نظام بشار. ويأتي هذا الحشد البشري الذي خرج به نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، يوما فقط بعد إعلان القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني، محمد علي الجعفري، وجود عناصر من الحرس الثوري في سوريا ولبنان، تحسبا لأي اعتداء أجنبي على سوريا، أو على حزب الله، حيث قال إنه في حال هجوم إسرائيلي على إيران فإن لدى بلاده العديد من الوسائل للتحرك وهي إشارة ضمنية لحزب الله في لبنان الذي أعلن استعداده لمهاجمة إسرائيل إذا ما اعتدت على إيران.
إنها طبول الحرب تقرع إذن في المنطقة، على حد تعبير كاتب الدولة للشؤون الخارجية الأمريكية الأسبق هنري كيسينغر، الذي قال أول أمس لأحد المواقع الأمريكية، إن الذي لا يسمع قرع الطبول هنا، فإنه أكيد أصم.
كيسينغر قال إن الحرب التي ستندلع في الشرق الأوسط، ستكون الأعنف، وسيكون المنتصر فيها قوة واحدة هي أمريكا، التي ستسيطر على النفط، وسيكون على إسرائيل استعمال كل قوتها وأسلحتها، وفي حال تحقق هذا الحلم، سيكون نصف الشرق الأوسط إسرائيليا.
لهذه الأسباب إذن سقطت العراق، ولهذه الأسباب يريدون إسقاط إيران ولهذه الأسباب يريدون إسقاط سوريا وعندما أقول سوريا لا أعني نظام بشار، بل الدولة السورية. أليس بسقوط هذه القوى يتحقق حلم إسرائيل الكبرى مثلما حلم بها بن غوريون؟!
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 17/09/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com