الجزائر

نساء يتحدين المجتمع ويقررن الزواج من ذوي الاحتياجات الخاصة “من قال إن المعاقين لا يستطيعون تكوين أسرة!؟”



نساء يتحدين المجتمع ويقررن الزواج من ذوي الاحتياجات الخاصة              “من قال إن المعاقين لا يستطيعون تكوين أسرة!؟”
تسقط كل الأقنعة وتزول تلك الشعارات التي تنادي بمعاملة ذوي الاحتياجات الخاصة عندما يتعلق الأمر بالزواج، فالكثير من “الأصحاء” يرفضون ربط حياتهم ومستقبلهم بشخص معاق يعتبرونه قاصرا وغير قادر على تأدية واجباته الزوجية، بينما نجد البعض من النساء يرتبطن بمعاقين رافعات شعار التضحية والحب أو تحت تأثير بعض الظروف القاهرة، ليثبتن بذلك أن الزواج من حق الجميع. كثيرون هم من قست عليهم الحياة وأذاقتهم مرارة الإعاقة التي جعلتهم يعيشون شعور النقص على جميع الأصعدة، غير أن حاجتهم إلى حياة طبيعية أملت عليهم ضرورة البحث عن سند لهم عند بلوغ مرحلة معينة من حياتهم. يتعلق الأمر بإيجاد شخص مناسب يرافقهم في مشوار حياتهم من دون أن يشعرهم أنهم أشخاص غير عاديين، يحدث ذلك وسط مجتمع يختلف كثيرا في طريقة تعاطيه مع هذه الموافق، وبين مؤيد ومعارض هناك العديد من الحالات التي تعيش هذه الظروف. ومن أجل التعرف على المزيد حول زواج المعاقين في الجزائر، ارتأت “الفجر” القيام بجولة استطلاعية لبعض العائلات التي عايشت هذه الظروف. فتيات يتحدين الإعاقة  ويرتبطن بذوي الاحتياجات الخاصة العينة الأولى التي وجدناها كانت مثالا حيا للحب والتضحية، حيث وجدنا أن العديد من الفتيات لم يجدن في الإعاقة ما يمنعهن من الارتباط بمن يحبون، ملتزمات بمبادئ وأخلاق عالية ومتحليات بالتضحية التي تعتبر أسمى معاني الحب. عبرة كبيرة تلك التي استقيناها من قصة حليم ونزهة اللذين لم تمنعهما حادثة حليم التي أفقدته ساقه الأيمن من إكمال مراسيم الزفاف الذي سيجمعهما، على الرغم من أنها لاقت العديد من الضغوطات من طرف أهلها الذين حاولوا منعها من الارتباط به بحجة أنه لن يقوى على حمايتها وستحس دائما أنه شخص غير سوي، لكنها واجهت الجميع وتزوجت منه منذ شهر. وحسب أول انطباع لها، تقول إنها لم تجد صعوبة في حياتها إلى جانبه فهو ركّب رجلا اصطناعية ولم يعد يجد صعوبة في تحركاته، كما أنها تعتبر موقف المجتمع من زواجها هو أكبر إعاقة يعاني منها كل عقل وقلب يخلو من إنسانية تقبل الآخر والتضحية من أجله. الظروف الاجتماعية تجبر الكثيرات على قبول هذا الارتباط وعلى العكس من ذلك، نجد أن بعض النساء وجدن أنفسهن مجبرات على معاشرة أشخاص معاقين بعدما اعتبرنهم طوق النجاة من حياة قاسية جعلت الزواج أنجح وسيلة للخروج من البيت والعيش دون مشاكل وقيود. هي حالة كريمة صاحبة الواحد والأربعين ربيعا والتي تزوجت من معاق حركيا يقعد على كرسي متحرك منذ سبع سنوات، فهي لم تتردد في قبول أول طلب زواج عرض عليها من طرف حميد، الذي تعرض لحادث مرور منعه من المشي مجددا، وبذلك قبلت أن تخدم هذا الرجل وتقاسمه معاناته هروبا مما أسمته جحيم زوجة أبيها وعملها خادمة عند عائلة لطالما أحست بأنها غريبة بين أفرادها بعد وفاة والدها. وعن حالتها تقول كريمة “أنا وزوجي نكمل بعضنا فهو وفّر لي الكرامة والحماية في بيت آمن وأنا أعمل على مساعدته في تلبية احتياجاته اليومية، وهو ما جعلني أنسى في بعض الأحيان أنه معاق لأنه وفّر لي كل الدعم المادي والمعنوي”. وأشخاص حكمت عليهم الإعاقة بـ”الوحدة الأبدية”لم تكن الحياة كريمة مع جميع المعاقين وأصحاب العاهات، فهناك من لم يجدوا أشخاصا متفهّمين يشدّون أزرهم لمواصلة الحياة بطريقة عادية، حدث ذلك مع أسماء الطالبة الجامعية التي تبلغ من العمر 24 سنة والتي لم تتمكّن من الحصول على شريك حياتها بعدما فقدت بصرها على إثر حادث مرور، على الرغم من أنها كانت على علاقة بشاب قبيل الحادث لكنه وبعد معرفته بنتيجة العملية التي خضعت لها بعد الحادث، وجدت نفسها وحيدة في مجتمع ظالم لم يمنحها الحق في تحقيق حلم كل فتاة في ارتداء الثوب الأبيض. ومثلها الكثيرين ممن لم ينجحوا في العثور على من يراهم أشخاص كاملين وقادرين على مواجهة أعباء الحياة. الخوف من نظرة المجتمع يمنع بعضهم من تكوين أسرة هناك وضع آخر يتعلق بمن استبعدوا فكرة الزواج خوفا من نظرة المجتمع، فالآنسة خديجة ذات 31 سنة والمصابة بإعاقة حركية على مستوى اليد والرجل، بسبب مرض تعرضت له وهي طفلة، تقول “لا أفكر مطلقا في الزواج لا من شخص سليم ولا من شخص معاق، رغم أني أرغب في بناء أسرة وتربية الأبناء وقادرة على القيام بجميع الأنشطة والأعمال المنزلية، لأني أخاف من عدم نجاح الحياة الزوجية من جهة، إلى جانب الخوف من أن يعايرني الزوج أو عائلته بإعاقتي أو أن يتم التعليق عليّ، فالمجتمع الجزائري لا يرحم ونظرته إلى المعاق قاسية جدا”. بينما يعارضها الرأي السيد محمد.ز 33 سنة، الذي ولد معاقا إذ أنه يعاني من اعوجاج على مستوى اليدين والرجلين، حيث يقول “أملك رغبة كبيرة في الزواج ولو كنت أملك سكنا لتزوجت منذ زمن، ولكني أبدا لا أفكر في الزواج من امرأة سليمة وذلك حفاظا على كرامتي، ولأني أعرف مسبقا أنه لا توجد مطلقا أي امرأة تقبل بأن تربط حياتها بشخص معاق، كما أن الذهنية الجزائرية تأخذ في المقام الأول لحظة الاختيار الشكل الخارجي للخاطب”، لذا يضيف “فأنا أختصر على نفسي الطريق وأختار تلك التي إذا طلبتها لا ترفضني، بل ترغب في أن تبني حياتها الزوجية إلى جانبي”. الأخصائية الاجتماعية تيجاني ثريا “المجتمع أصبح يتقبّل زواج المعاقين نسبيا”أكدت الأخصائية الاجتماعية تيجاني ثريا أن المجتمع الجزائري تطورا كبيرا من حيث تقبّله لفكرة زواج المعاقين، قاطعا بذلك شوطا كبيرا من الرقي الاجتماعي، في ظل تسجيل العديد من حالات الزواج بالنسبة للمعاقين؛ فالمجتمع وجد أن هذه الفئة من الناس بحاجة إلى عناية خاصة لا يمكن أن يوفّرها لهم سوى النصف الآخر الذي يجدون فيه مختلف احتياجاتهم ومتطلباتهم المادية والمعنوية. كما أضافت ذات المتحدثة أنه من الأفضل أن يرتبط من كان معاقا مع شخص سوي حتى يتمكّن من إعانته في كل احتياجاته ولوازمه، خاصة عندما ينجبون الأطفال وحتى تكون الحياة مشاركة بين الطرفين.من جهة أخرى، فقد كشفت الأخصائية الاجتماعية أن النساء هن الأكثر تقبّلا لفكرة الزواج من شخص معاق بدافع الحب القوي الذي يجعلهن يتفـنـن في تقديم التضحيات من جهة أو ارتفاع العامل الإنساني لديهن والذي يدعوهن للامتثال للواجب الأخلاقي وتقبل القضاء والقدر.فيروز دباري


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)