الجزائر

نجم الإعلام التركي الدكتور نزار الحرباوي ل"البلاد"



نجم الإعلام التركي الدكتور نزار الحرباوي ل
لا يشكك عاقل في ما للإعلام من دور في حياتنا وتأطير مفاهيمنا ومسلكيات حياتنا، وهنا، نتحدث عن الأثر الذي يمكن للإعلاميين الكبار تركه على أنماط فكرنا وعاداتنا وتقاليدنا ونظرتنا لكل ما هو حولنا. وبعد رحلة تزينت بالكثير من التجارب والمعارف، وفي مقابلة مع النجم الإعلامي الكبير الدكتور نزار الحرباوي، الذي يعد من أنجح مقدمي البرامج وأكثرهم خبرة وثراء معرفياً في المشهد الإعلامي، تطرقنا للعديد من الملفات والقضايا التي تتصل بالإعلام وتشكل مرتكزات للدخول في عالمه.ما هي أهمية التخصص الإعلامي لمن يريد دخول هذا المجال؟الحياة قد تحمل في ثناياها الكثير من مجالات التكوين والتطوير، وأرى أن نبدأ بتحديد معنى التخصص هنا، فإن قصدنا به التحصيل العلمي الأكاديمي فهذا جانب من جوانب، ولكن مجالات تحصيل التخصصية أوسع منه بكل تأكيد، فالخبرات المكتسبة من الحياة قد تعادل التخصص الأكاديمي، والتأهيل والتنمية الذاتية قد توجد مؤهلا إعلاميا يسبق كبار الإعلاميين البارزين ، ولكن دخول الإعلام لا بد أن يتم من خلال تحصيل المعارف والمهارات اللازمة للعمل فيه باحترافية عالية عبر أي وسيلة تنمية ممكنة للفرد الراغب بدخول هذا الميدان.أنت حاصل على شهادة الدكتوراه الثانية في مجال الإعلام، إضافة إلى الدكتوراه الأولى في العلوم السياسية.. ما أثر ذلك على أدائك الإعلامي؟أنا أؤمن بأن المعرفة كنز، ومن أين تحصّل المرء عليها فقد ظفر، دراساتي الأكاديمية، وأبحاثي ومقالاتي العلمية والعامة كلها كانت بواعث معرفة لدي، وسببا من أسباب البحث عن العلوم المنوعة، ولكنها بكل تأكيد انعكست على البيئة الإعلامية التي أتعامل معها، فالخبرات التقنية والنظرية والمعرفية التي تكتسبها في مجال الإعلام تفيدك في العطاء وتعينك على تلوين لهجة الخطاب وتنويع وسائل تناول المعلومة وتبويبها وطرحها، فالجمهور اليوم واعٍ جدا ولديه القدرة على التمييز بين الغث والسمين، وما كان خطابا إعلاميا مقبولا بالأمس، فهو غير مقبول اليوم، والجاهل والضعيف لا يحقق التأثير ولو حظي بألمع الصفات والأسماء.ما هي مقومات النجاح الإعلامي برأيك؟وفق ما أراه ووقفت عليه من تجارب شخصية ومن مشاهدات ودراسات لواقع الزملاء الإعلاميين، يمكن لي أن أتحدث عن رباعية هامة للتميز، وهي الشخصية الواثقة المحبة للإعلام، وفريق العمل المتماسك والمؤمن بالعمل وأهدافه، والقدرة المادية التي تحقق الاستقرار وتؤمن متطلبات العمل، بالإضافة إلى الروح التجديدية المستمرة على مستوى الرسالة والأداء على حد سواء.ما هي أوجه الضعف في إعلامنا العربي اليوم بوجهة نظرك؟أبرز ملامح الضعف في واقعنا الإعلامي هي ارتهانه للقرار السياسي، وحالة وأد الإبداع الفردي في مقابل الحفاظ على توجهات وسياسات مؤسسات الإعلام الحكومي والحزبي، وهو ما أوجد حالة من التخبط والعشوائية، والارتجال والتعامل مع ردات الفعل، دون امتلاك خطط واضحة برؤى واضحة، ودون سياسات إعلامية وتحريرية يمكن لها أن ترقى بالعمل ومستوياته نحو آفاق أرقى وأسمى.وكيف يمكن تجاوز هذه العقبات؟بالطبع يمكننا تجاوز ذلك إذا ما اعتمدنا على منهجية إدارية واضحة وتحصلنا على فصل واضح بين السلطات العاملة في هذا المجال، بدءاً بوزارات الإعلام، مرورا بالاتحادات والنقابات التخصصية، وانتهاء بحرية الفرد العامل في قطاع الإعلام، لوضع البرامج والمخططات والسياسات المحددة للصلاحيات والحريات ومجالات العمل، بما يجعل التخصصية محطة هامة من محطات التغيير نحو الأفضل، وبعد ذلك تأتي خطوات التأهيل والتكوين والتنمية الفردية والجماعية.ما الفرق بين تركيا والعالم العربي إعلاميا؟الفرق كبير برأيي، وجربت ذلك في أكثر من موقف، فأن تكون إعلاميا في تركيا، هذا يعني لك الكثير، تفتح أمامك الأبواب وتنال الاحترام الذاتي والمكانة التي توازي مكانة الوزراء والنواب في كثير من المجالات، ولكنك إذا رفعت بطاقة الصحافة في كثير من دول العالم العربي ينظر إليك كمن يحمل بطاقة عامل في مطعم، ناهيك عن سقف الحرية ومجالات الحركة ومساحة الوصول التي تتاح لك لكل المستويات المعرفية والمؤسساتية، وتنال الحماية اللازمة لك قانونيا واجتماعيا، وهذا ما نفتقده في عالمنا العربي إلا ما ندر. وهناك أمر آخر هنا يتعلق بالأولويات الإعلامية، فامرأة أغلق عليها باب بيتها وتم إنقاذها تتصدر الإعلام قبل تحركات الرئيس أو رئيس الوزراء، وأي حراك اجتماعي أو مؤسسي أو برنامج فني للمعاقين يسبق تغطية حدث افتتاح مصنع من قبل الوالي أو النائب.. وهذا بحد ذاته يعني الكثير.الإعلام والسلطة والإعلام والكسب الشخصي، كيف تفكك لنا هذه المعادلة؟هذه مسائل تتعلق بالإعلامي نفسه وبالقيم التي تربى عليها، فمن نشأ على التعلق بالمال والمادة أو حب الظهور والجاه وموافقة ومرافقة السلاطين والملوك، رأى في الإعلام ميداناً للتقرب منهم ولو باع نفسه للشيطان كما يقال، والبعض ينظر إليه كبوابة تجارية، وآخرون يعتبرونه منصة تأثير حزبي، وغير هؤلاء وهؤلاء من يؤمن بأهمية ومكانة الإعلام وقدسية الأمانة التي يحملها، فالساحة الإعلامية مليئة بالمخلصين والمهنيين من ذوي الاختصاص بالرغم من صدارة بعض الرعاع لمؤسسات الإعلام في مواقع متعددة، وعلينا ألا نعمم هنا، فالمبدعون موجودون، والوصوليون المنتفعون لا يخلو منهم زمن، والتعويل على الجمهور الواعي لحسم هذه المسألة.ما هو الدور المنوط بالنقابات والاتحادات الإعلامية في العالم العربي برأيك؟الدور المنوط بهم هو النهوض بواقع الإعلام والإعلاميين والدفاع عنهم وتمثيلهم على مستوى الآمال والطموحات. عليهم بداية الاهتمام بمستويات ومعايير الإبداع الإعلامي كشرط للعضوية لرفع سقف الخبرة والموضوعية والنزاهة لدى فرق العمل الإعلامي، ولننتقل من واقع الهواة إلى الحالة الصحية بإعلام ناضج قائم على أسس ومرتكزات تعفينا من كثير من الإشكاليات التي تنشأ من الجهل وقلة الخبرة والارتجال في العمل. كما أن لهم دور محوري في التعريف بالإعلاميين، وتعزيز حضورهم، والحماية لهم من تغول السلطات الحاكمة، بما يشمله ذلك من طرح المبادرات المجتمعية للتعريف بالإعلام الهادف، وطرح المسابقات الإعلامية ومنح الجوائز من جهة، والتشديد على العابثين اللاهين في الإعلام واتخاذ الإجراءات بحقهم حفاظا على هيبة الإعلام ومكانته.كيف توفق بين عملك كإعلامي بارز لديه برنامجه اليومي المباشر وبين عملك الأكاديمي في الجامعات التركية وبين كونك مستشارا دوليا في شبكة تنمية الشرق الأوسط، وغيرها من المجالات التي تعمل بها؟الحقيقة أحاول جاهدا ألا أنعزل عن الحياة الأكاديمية، أحرص على بعض المحاضرات التخصصية في عدد من الجامعات التركية لطلبة الدراسات العليا، ولكن جلّ وقتي مخصص للمكتب الإعلامي، حيث أدير منه برنامج الألوان السبعة على قناة التركية العربية، وكتابة المقلات والأبحاث الإعلامية ذات الصلة، وأنا مؤمن بأن تحديدي لجدول أولوياتي سيتيح لي مجالا إضافيا لتطوير ذاتي وتعزيز المهارات والخبرات التي تحتاج لتطوير.بعد أكثر من ألف ساعة بثّ مباشر، وآلاف الساعات على شاشات الفضائيات العربية والتركية، كيف تختصر لنا قصة نجاحك؟إن كنت نجحت في شيء، فهو تلك الابتسامة التي ألمحها على شفاه الناس الذين ألقاهم في أسفاري وتجوالي، فقد خاطبت جمهوري بما أؤمن به، خاطبتهم من قلبي ووجداني، ولدي جمهور أثق بقدرته وحكمته، وأسعد ببسمته أكثر من كل مسميات النجاح الأخرى. وصدقني عندما أقول لك إن سعادتي الحقيقية عند عودتي إلى أهلي وأطفالي مساء وأنا أشعر بأني لم أخن مهنتي ولم أخدع الجمهور بفكرة أو كلمة أو سياسة، فهذا يريحني جدا، وأراه خيرا لي من كل الجاه والمال والسمعة.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)