لم أكن أريد أن أكتب عن هذا الموضوع، ولكن أحيانا تستفزك بعض السلوكات، فتغض الطرف وتتكرر بشكل أقسى، فلا تجد مناصا من الكتابة بل والصراخ، وربما وصل الأمر إلى استخدام "القرداش" من الحسرة والألم وقلة الحيلة.إنه لأمر جميل جدا ورائع أن تتزين العاصمة وتفتح المحلات والمقاهي أبوابها بعد الافطار لتستقبل روادها في ليال رمضانية هادئة، يسهر على تأمينها عدد كبير من رجال الأمن، وإن كان انتشارهم محصورا في الشوارع الرئيسية في إطار مشروع بعث العاصمة حية وتحويلها إلى عاصمة لا تنام، ولكن أن تتكرر بعض السلوكات الغريبة التي تأنف منها الأنفس السليمة بعيدا عن الجانب الديني والأخلاقي هو الأمر الذي يستفز كل من يغار على صورة البلد المشرفة التي نريد تسويقها. فقبل شهر رمضان ببضع ليال وأنا أهم بالنزول إلى الميترو على مستوى محطة البريد المركزي في ساعة متأخرة من المساء رفقة أحد الأصدقاء، صادفنا شابا يتخذ من النفق (مبولة عمومية) وهو في غاية السعادة وكأنه يفعل أمرا طبيعيا وعاديا جدا بتبوله في ذلك المكان، ورغم ما في ذلك من سوء واستفزاز للمارة من أفراد وعائلات، فإن اكتشافنا لحالة السكر المتقدمة والثمل الذي بدا واضحا مع أول كلمة نطق بها قد يجعلنا ندخل هذا السلوك في دائرة السلوكات الخارجة عن الإرادة لأن صاحبها فاقد للوعي وحكمه في حكم من رفع عنه القلم حتى يصحو من سكرته، ولكن ما شاهدته منذ يومين على مستوى محطة عيسات إيدير وفي ساعات الصباح هذه المرة أمر يتجاوز المعقول، ويجعلك تصرخ بأعلى الصوت من حجم الخراب الذي نعانيه، يالله لقد تبرز أحدهم عند المدخل تماما وترك البراز في مكانه ليمر عليه كل من ينزل الميترو في هذا الصباح قاصدا عمله أو أي مصلحة أخرى، وتصوروا أي يوم رائع سيقضيه وأي نفسية مريحة سيتواصل بها، وأي مردود طيب سيقدمه في العمل من كان حظه تعيسا ومر من هذا المكان. يا ربي أي صباح تعيس هذا؟! العالم يصطبح على الورد والفل والياسمين والموسيقى الحالمة وكل الأشياء الجميلة، ونحن في هذا البلد نصطبح وفي قلب عاصمتنا على هذه الأشياء؟! يا ربي هل تحول الميترو إلى مرحاض عمومي دون أن يبلغونا؟!
إن سلوكا كهذا لا يمكن أن يصدر من عاقل، وإذا صدر فنحن جميعا مدعوون لمراجعة قدراتنا العقلية، لأن من العبث أن يقبل عاقل بالاستمرار في مجتمع يقبل أن يعيش فيه عاقل يقدم على مثل هذا السلوك، ومهما كان من فعل هذا، فلا يمكن أن يكون قد فعله إلا في ساعة متأخرة من الليل، حيث يغلق الميترو أبوابه ويغادر رجال الأمن الساهرون على سلامة ركابه مواقعهم في انتظار يوم جديد. وخلاصة الأمر بالنظر إلى ما تبديه بلدية الجزائر الوسطى من رغبة جادة في بعث الحياة في ليالي العاصمة حتى ما بعد شهر رمضان، أن المسؤولين لا يجب أن يغفلوا هذا الجانب ويعملوا على معالجة مثل هذه السلوكات على الأقل من خلال توفير المراحيض العمومية حتى تقام الحجة على من كان سويا ويرفع العذر على الجهات الوصية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/08/2013
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : بدر مناني
المصدر : www.djazairnews.info