''هم يضحك وهم يبكي''. هذه المقولة الشعبية أقرب ما تكون إلى ما يجري في ''الجماهيرية العظمى''. فبالأمس تهكم معمر القذافي عما فعله الشعب التونسي بكل سيادة على أرضه من إسقاطه لنظام بن علي، وها هو اليوم يدفع ثمن حماقاته واستفزازاته واستهانته بقدرة الشعوب على تغيير الواقع.
وإذا كان يقال ''من يضحك يلحق''، فإن ما جناه القذافي على نفسه جعل حتى إشاعات هروبه تنطلق من البدايات الأولى لانتفاضة بنغازي ولا تنتظر مرور شهر مثلما كان الشأن بالنسبة للرئيس بن علي أو 18 يوما كما وقع للرئيس مبارك، وفي ذلك أكثـر من رسالة على أن ما قاله ابن خلدون من أن عمر الدول مثل الإنسان، هناك طفولة وشباب وشيخوخة، فإن حال نظام معمر القذافي، اليوم، لم يشخ فحسب، ولكن من شدة شيخوخته فإن انهياره سيكون لا شبيها ببن علي ولا بمبارك وإنما سقوط بصورة ''تراجيدية مضحكة''.
ما وقع في ليبيا في 5 أيام فقط، من حيث الدمار والخراب وحمام الدماء، لم يحدث مثيل له في كل الانتفاضات الشعبية، وفي ذلك رسالة على أن الليبيين طفح بهم الكيل ونفد منهم صبر أيوب الذي استحملوا به نظام القذافي منذ 42 عاما، دون أن يفيق هذا الأخير من الغيبوبة التي جعلت ليبيا البلد الغني بالبترول لا يختلف عن دولة تعيش في العصر الحجري. كيف لا وقد جاء خطاب نجل القذافي ليزيد لدى الليبيين حالة من الغضب تفوق الجنون، لأنه عوض أن يعتذر للشعب ويقول لهم اسمحوا لنا على تحملكم طيلة أربعة عقود من الزمن، على كل خطايانا وكوارثنا في تحويل دولة تتوفر على كل مقومات النهوض إلى مجرد دولة منكوبة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ورياضيا، راح دون أدنى حياء يتوعد بعبارات التهديد والوعيد. وهو ما يعني أنه ليس سوى نسخة طبق الأصل رديئة لا تختلف في شيء عما عايشوه طيلة 42 عاما من حكم الأب.
ولذلك لا أحد من ساسة العالم وشعوبها استغرب أو تفاجأ أو حتى حاول إعطاء تبرير لما حدث ويحدث في الجماهيرية، لأنه ببساطة، الشعب الليبي لا يستحق وسام ''الصبر'' عن جدارة واستحقاق فحسب، بل لا يلام على أي شيء يقدم عليه من أجل استرجاع حريته وسلطة قراره ومسح آثار القذافي، ليس فقط من كتب التاريخ وإنما من الذاكرة الجماعية ومن الوجود، لأن ما فعله بثورة من حجم ثورة عمر المختار وما سلطه من ظلم في حق الشعب والوطن، هي جريمة كبرى بمنزلة الخيانة العظمى.
h-slimane@hotmail.com
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/02/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : ح. سليمان
المصدر : www.elkhabar.com