الجزائر

من يحرس حقوق الجزائريين ؟



لا أدري ما هي المعايير المعتمدة من طرف نقابة القضاة , في حساب نسبة المشاركة في اليوم الأول من الإضراب المفتوح الذي تنادى له مسؤولو هذه النقابة, ولذا من البديهي أن أشكك في النسبة المعلنة المتمثلة في 96 % من حيث المبدإ , حتى وإن تبنتها مختلف القنوات الفضائية والجرائد الخاصة وحتى بعض العمومية منها , وقدمتها للرأي العام دون أي تحفظ يوجبه الحس المهني . فالصحفي مطالب باستقاء المعلومات من مختلف المصادر المعنية بالحدث «المتمثل في الإضراب في هذه الحالة», ومن الأفضل في جميع الأحوال , استقاء المعلومة من طرف محايد إن وجد .فنقابة القضاة طرف في القضية و من مصلحتها تضخيم النسبة و الترويج لها إعلاميا كما هي عادة التنظيمات النقابية «المستقلة» دائما, والإدارة ممثلة في الوزارة أو من يمثلها, طرف في النزاع, وربما ترى أن مصلحتها في تقزيم نسب المشاركة في الإضراب , غير أنها خلافا للنقابات, لا تبذل أي جهد للترويج لها إعلاميا , رغم أنها تتوفر على خلايا للإعلام و الاتصال على مستوى مختلف المجالس القضائية, ويمكن لنسب المشاركة في الإضراب أن تصلها أولا بأول على مدار ساعات العمل الرسمية, بل يمكنها حتى إرفاق الأرقام الخاصة بنسب المشاركة, إرفاقها بقوائم القضاة المضربين من غير المضربين, لقطع الطريق أمام الممسكين العصا من الوسط , الذين لا يريدون إغضاب الراعي , ولا تجويع الذئب, فيعلنون لهذا أنهم غير معنيين بالإضراب, ويهمسون لذاك أنهم من المضربين. قد يبدو هذا الأمر شكليا, ولكن عندما يصل الأمر إلى رفض أعضاء من المجلس الوطني للقضاة الامتثال لقرار الإضراب مثل مجلس قضاء تندوف الذي أصدر بيانا موقعا باسم قاضي، بصفته عضوا في المجلس الوطني للقضاة بتندوف مبرزا أنه «لم يتم انعقاد أي اجتماع للمجلس النقابي بذات التاريخ ولم يتخذ أي قرارات، وأنه بعد الاتصال بالكثير من أعضاء المجلس الوطني للنقابة تبين عدم علمهم بهذا الاجتماع الذي نتبرأ منه والكثير من أعضاء المجلس النقابي.»؟ فإننا أصبحنا أمام حالة التباس خاصة وأن «الرفض» جاء من منطقة تعتبر من الجهات القضائية التي جاءت الحركة الانتقالية الأخيرة في سلك القضاء لتنصفها ,لكن يبدو أن الإنصاف حلم بعيد المنال بالنسبة لأقلية من القضاة الذين أن يتحملوا وحدهم العمل في المناطق النائية, وعندما يعارضون استمرار الوضع, يهددون بالإحالة على المجلس التأديبي لعزلهم من النقابة ؟ فضلا عن أنها ظاهرة تتكرر مع كل حركة احتجاجية تنظمها النقابات «المستقلة», مما يفرض وجود طرف محايد يعيد المصداقية للمعطيات المتعلقة بمثل هذه النزاعات المهنية الجماعية.
الحقيقة والمعطيات
وكنت أود لو أن الصحافة تخلت عن كسلها الذي أورثه إياها وصول المعلومات إليها دون تعب , لتؤدي مهمة الطرف المحايد, من خلال الخروج إلى الميدان , والاختيار العشوائي لعدد من الجهات القضائية, للتأكد من نسبة الإضراب الحقيقية و مقارنتها بأوقات العمل الفعلية للقضاة , لأنه يستحيل تواجد جميع القضاة يوميا في المحاكم , لأن حضورهم مرتبط بجدول الجلسات والمداولات وما إلى ذلك من مهام القضاة. فلو أن كل جريدة بادرت بمثل هذه الخطوة , لكانت لدينا عينة واسعة يمكن اعتمادها للقياس في مثل هذه الحالات التي تلتبس فيها الحقيقة . وعندئذ سيعرف الرأي العام , حقيقة الوضع , فيدعم هذا الطرف أو ذاك بعد الاطلاع على كل المعطيات.
بغض النظر عن المؤيدين او المعارضين لهذه الحركة الاحتجاجية, فإنها تثير عدة تساؤلات محيرة خاصة تلك التي تربطها بخلفيات سياسية لتزامنها مع مسار الانتخابات الرئاسية, وما إذا كان مصير سلك القضاء أولى بالإنقاذ من مصير البلاد ؟, وما علاقة الوضع الاجتماعي والمهني للقضاة بمبدإ استقلالية القضاء ؟ وهل الحفاظ على تماسك اعضاء المجلس الوطني للنقابة يستدعي شل القطاع برمته بغضراب مفتوح ودون سابق إشعار ؟ وبمبررات هناك ما يناقضها في تصريحات النقيب نفسه وخاصة قضية التسرع في إعداد الحركة الانتقالية، حيث صرح للصحافة في 20 سبتمبر الماضي بان سلك القضاء «سيشهد حركة واسعة بعد الانتهاء من مراجعة القوائم الإنتخابية»؟
تعاليق الجزائريين على إضراب القضاة,انصبت على انتقاد المضربين كونهم لم يراعوا الوضع السياسيو الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد, فضلا عما تسبب فيه الإضراب من معاناة لآلاف المتقاضين عبر الوطن الذين يسبق حقهم في التقاضي بقية حقوق مستخدمي جهاز العدالة, خاصة وأن مطلب «استقلالية القضاء» التي تتخذ منه نقابة القضاة حصان طروادة في معركتها مع بقية السلطات تتطلب لتكريسها بشكل دائم سلطة شرعية يجسدها رئيس دولة منتخب شعبيا, ولا شك أن إضرابا في سلك القضاء يعرقل انتخاب هذه السلطة في هذا الظرف بالذات, لعله ذلك هو الهدف غير المعلن من هذه الحركة الاحتجاجية . ألم يشر مسؤول القطاع على هامش إشرافه عى إفتتاح الجلسة الثانية من الدورة الأولى للمجلس الأعلى للقضاء يوم 24 أكتوبر الجاري» أن هناك من يتحرك في الخفاء والظلام تحت شعارات براقة جوهرها خبيث».؟ترى من كان يقصد ؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)