الجزائر

''من نفحات شعبان'' من كتاب



''من نفحات شعبان''                                    من كتاب
اعلم أنّ اليهود يستقبلون بيت المقدس، وليس هذا الاستقبال من أصل دينهم، لأنّ بيت المقدس إنّما بني بعد موسى عليه السّلام. بناه سليمان عليه السّلام، فلا تجد في أسفار التوراة الخمسة ذِكر الاستقبال جهة معيّنة في عبادة الله تعالى والصّلاة والدعاء، ولكن سليمان عليه السّلام هو الّذي سنّ استقبال بيت المقدس.. وأمّا النّصارى، فإنّه لم يقع في إنجيلهم تغيّر لما كان عليه اليهود، في أمر الاستقبال في الصّلاة ولا تعيين جهة معيّنة، ولكن لمّا وجدوا الروم يجعلون أبواب هياكلهم مستقبلة لمشرق الشمس، حيث تدخل أشعة الشمس عند طلوعها من باب الهيكل وتقع على الصنم صاحب الهيكل الموضوع في منتهى الهيكل، عكسوا ذلك، فجعلوا أبواب الكنائس إلى الغرب، وبذلك يكون المذبح إلى الغرب والمصلُّون يستقبلون الشرق.. فهذه حالة النّصارى في وقت نزول الآية. ثمّ إنّ النّصارى من العصور الوسطى إلى الآن توسّعوا، فتركوا استقبال جهة معيّنة، فلذلك تكون كنائسهم مختلفة الاتجاه، وكذلك المذابح المتعدّدة في الكنيسة الواحدة.
فالقبلة ليست مجرد مكان أو جهة تتّجِه إليها الجماعة في الصّلاة، بل هي رمز يميّز شخصية الأمّة الإسلامية ووحدتها، ويميّز هدفها واهتماماتها ويميّز كيانها.. فهل هي الآن مستعدة لإدراك هذه المعاني وتطبيق مفهوم هذا الاتجاه؟ وإلى أيّ جهة تستقبل الأمّة الإسلامية الآن؟ أُرى إلى قبلة!! ألم يأن للأمّة الإسلامية أن تحوّل قبلتها وتحارب عدوها الّذي يغزوها في عقر دارها، يغزوها في عقيدتها وسلوكها، يغزوها فيشتت صفوفها ويجعل أبناءها كالوحوش الضارية يقتل بعضهم بعضاً؟ فأين هي من الإسلام؟
فالإسلام يدعو البشرية كلّها إلى الوحدة في الله، لا تعصّباً منه، بل للخير والحق والصّلاح. فالمسلمون هم الغالبون، وهم الأعلون، وهم الأمّة الوسط، وهم خير أمّة أخرجت للنّاس.. ولكن المسلمين اليوم في شتات تائهون، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله!


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)