الجزائر

من قال أن الصحة في الجزائر مريضة؟



بقلم: سميرة بيطام
أتابع عن كثب أنشطة صحية عبر الوطن الغالي الجزائر وأقرأ سيرة جراحين أجروا عمليات جراحية بنجاح وبعدد كبير في محصلتهم اليومية وأنتقل إلى حيث نجباء البكالوريا يحصلون على مراتب أولى ويحظون بتكريم من أعلى مستويات الشخصيات السياسية ثم أنتقل إلى محصلة أنشطة أساتذة استشفائيين على مستوى المصالح الصحية وكيف يسهرون على التنويع في الآداء العملي وأحلل حرص ممتهني الصحة على الظفر بأعلى ظروف للعمل الجيد وعلى مختلف الرتب ثم أقرأ إحصائيات على مر سنوات وكيف تتفاوت من ولاية لأخرى وأعرج على مساعي المقبلين على التقاعد وكيف يرغبون بقوة حماس في أن يتركوا بصماتهم لجيل صاعد..و أحاول على جهة أخرى بعد تجريبي لتدريس جيل الشبه الطبيين كيف تسكن فيهم وطنية ولكن بلون وبتفكير آخر ولكن المبدأ واحد هو حب الجزائر...
و لما أقرأ عن أن الصحة في الجزائر مريضة وللعلم أن الصحة في الجزائر هي ككل كيان متحد من ممتهنين ومن منظومة ومن استراتيجيات معتمدة وأدقق في عبارة (الصحة مريضة ) ماذا يقصد من يقول ذلك؟ وهل فعلا الصحة في الجزائر مريضة؟.
لا يوجد صحة مريضة بالجزائر هناك عدم التفاف حول الصحة بشكل جماعي وهناك ما يسمى السمو بالأخلاق عاليا فوق أي راية يأس هناك ما يسمى عدم الصبر على المحن وعدم تجاوزها بقدر كبير من فاعلية ضمير تواق لأن يرى الجزائر تتحضر يوما بعد يوم .
المشكلة هي أن العقل الجزائر بقي محدودا في أن يكيف نفسه حول قول أن الصحة مريضة فيمرض هو الآخر من هذه العبارة ويبقى عليلا في ركن الإحباط والتذمر وعيب أن يصل الأمر بأحفاد جيل الثورة النوفمبرية إلى هكذا مستوى حتى في التنمية البشرية نحن نتأثر بما نقول ونصبح كما نقول فلو جميعنا يقول : الصحة بالجزائر بخير ستتحول جميع العراقيل إلى تسهيلات وآمال تبنى عليها انطلاقات جديدة في البناء والتشييد .
يعني أول شيء يجب تغييره من قاموس مصطلحاتنا هو التلفظ اللغوي والتصوري الخيالي في العقول على حسب ما نريد نحن كجزائريين وكأبناء هذا الوطن الغالي الذي ما حرمنا من طبيعة خلابة ولا من موارد كثيرة نحمد الله سبحانه وتعالى عليها يجب أن نكون ايجابيين بمعنى الكلمة فالجراح حينما يقبل على عملية جراحية معقدة هو يعلم حقيقة بقلة نسبة نجاحها لكنها يقوم بها وفي قرارة نفسه أمل على نجاحها والممرض حينما يسعف مريضا في حالة خطيرة جراء حادث مرور يسرع في تقديم ما يجب عليه وحتى لو كانت الوسائل غير محتوية على التقنية العالية للحالات الاستعجالية إلا أنه يؤمن إيمانا قاطعا أنه مكلف بآداء ما عليه من واجب والباقي على الله في لغة إيمانية أن تحقيق النتائج ليس من اختصاصه ولكنه مطالب ببذل الجهد وعلى أقصى سرعة لان الحالة المعروضة عليه لا تستحق التأخير..
و القابلة التي تتحمل تذمر أهل المريضة بسبب وفاة جنينها وبغير تقصير منها تكون قديرة بالاحترام وهي تواصل عملها في صمت لأنها مقتنعة أنها قامت بواجبها وزيادة خاصة حينما تتأخر عن العودة لبيتها ووقت العمل قد انتهى وأولادها في انتظارها لكن المريضة بحاجة لمراقبة في الوقت الذي لم تلتحق فيه القابلة المناوبة إذن هذه التضحية لا تشير إلى مرض في الصحة وإنما إلى ظاهرة صحية تستحق التشجيع والشكر.فلما لا يتكرم من يصف الصحة بأنها مريضة بالحديث عن كفاح ممتهنين في الصحة وفي صمت بدءا من الوزارة ووصولا إلى أصغر وحدة استشفائية؟.
و الموظف الإداري الذي يتعرض لضغط أحيانا غير مبرر من مسؤوله لسبب يجهله ولكنه يواصل عمله في صمت واحتساب معتبرا ذلك شيئا عابرا وقد يحدث مرة أخرى هذا دلالة على أن العقل الجزائري يكيف حقه في الرد بعقلانية توجه لأنه يعي ثقافة فقه الأولويات ولا يجب الاحتكام إلى نزوات قلقل عابرة فكيف للصحة بالجزائر أن تغدو مريضة وفيها أصناف من الناس لا يشتكون أو أنهم يحتسبون لأجل شيء واحد وهو أن حب الجزائر يشترط ويلح عليه مواصلة الكفاح والعمل...
ثم لو كانت الصحة مريضة كما يشاع هنا وهناك فالمعروف أن المرض له دواء وإن استعصت المعالجة فمعناه أن الحالة غير مؤكدة أو أن ثمة خلل ما في عضو من الأعضاء الأخرى هي من تتسبب في الألم وبالتالي المرض وعليه قول البعض أن الصحة مريضة ولا يقدم التشخيص الحقيقي أو الدواء الحقيقي فهذا برأي قمة اليأس والفشل ورمي العبء على الآخرين أي عبء الفشل في التحدي وبالتالي كيف نتصور النزول
للميدان ومواجهة الصعاب وكما سبق وقلت في سابق مقالاتي لا توجد دولة ليست بها مشاكل وعراقيل فها هو الرئيس الماليزي مهاتير محمد يطالب شعبه للمساهمة في إنعاش الاقتصاد الماليزي تبدو فكرة غير صحيحة ولكنه الالتفاف حول مصير وطن وحول مصير شعب وحول مصير خلاص من وضع لابد من تخطيه...
و هذه عبارة أنقلها من كتاب الديبلوماسية الجزائرية من 1830 إلى 1962 إلى أن الامتحان المأساوي الذي مرت به الجزائر سابقا أكسبها لا محالة مزيدا من الوعي _و أشير هنا إلى أن الأزمة تولد الهمة ولا تولد النعت بالمصلحات السلبية بما في ذلك كون الصحة مريضة _ وتقديرا لبعض المظاهر والجهات ومدى تأثيرها على الناس ومجرى الأحداث فإنها لم تكسب الرهان إلا بتماسك شعبها وتحركها المتكامل .
إذا فكرة الوعي إشارة حقيقية على صحة العقل ونمو الفكر وما بقي هو العمل نحو التغيير للأفضل وعدم الاكتفاء بتداول مصطلحات عقيمة لا تسمن ولا تغني من جوع فمن جهة كلمة الصحة ومن جهة هي مريضة أليس هذا تناقض حتى في تركيب الكلمات؟
ثم من يدعي ذلك وهو موقن بوجود العلة فلما لا يقدم دواءا شافيا للعلة؟ أم أن الرجم بالحجارة هو منطق التخفي وراء الضعف والفرار للوراء حتى لا يقابل القدر بقدر أحسن منه بالإرادة وحسن التوكل على الله وتجميع القوى الفاعلة نحو مصير واحد.
و في الأخير أختم بشعر راق لي كنت قد كتبته في مقال لي بعنوان : أو حسبت أن نيل العلا بالتمني :
ابدأْ بنفسِك فانهها عن غيِّها
فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ
فهناك تعذرُ أن وعظت ويقتدى
بالقول منك ويقبل التعليمُ
لا تنهَ عن خلق وتأتِيَ مثله
عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ
للعلم أن من يكافح من ممتهني الصحة في الجزائر لا يقول أن الصحة مريضة وإنما يعمل في صمت واحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى وما ثقافة الكلمات السلبية إلا إقرار بعدم حب العمل والخوض في غمار الصعاب وتخطيها بالصبر والإيمان والجد فماذا لو تغيرت الذهنيات والألفاظ نحو الإيجاب حتما سنقود الجزائر نحو الرفعة والازدهار فاجعلوا حب البلد شعار ألفاظكم واستبدلوا المرض بالعافية وقولوا : الحمد لله ومعروف أن المريض الصابر حينما يسأله أحد عن صحته يقول : الحمد لله فاجعلوها عبارة اليقين والثقة بالله يتحول بنا المسار نحو ما نحلم به دوما وأبدا من خير وسلام وأمن وعافية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)