الجزائر

من "باتكلان" إلى "راديسون".. الإرهاب واحد



من
مرة أخرى يتأكد للعالم بأن الإرهاب لا يملك لونا ثابتا ولا جنسية ولا حيزا جغرافيا يتحرك فيه كيف يشاء، ولن يكون له وطن استثنائي، عبر الأمصار فهو يتحرك من قارة إلى أخرى، باسط سلطته وفارض لأجندة عبر رسائل تختلف شفرتها من منطقة إلى أخرى، سواء أكانت باريس أو باماكو أو دمشق أو بغداد.هذه الظاهرة العالمية التي أخذت رقعتها تتوسع يوم بعد يوم، شغلت العالم ووضعته في حالة ترقب واستنفار منذ أن تعرضت أمريكا إلى اعتداءات 11 سبتمبر 2001، تغيرت النظرة و المفهوم تجاه الإرهاب، فكانت القطرة التي أفاضت كأس القوة والهيمنة، رغم ما عانته الجزائر طيلة عشريتين من هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية. في تلك الأثناء تغيّرت خططه، معرجا على منحنى أكثر نفوذا في الأنظمة من خلال تفاهات «الربيع العربي»، التي كانت مطية لينفذ إلى الأوطان بطرق خبيثة، كان واجهتها الإرهاب وباطنها الايعازات الخارجية لتنفيذها بحذافيرها، حتى لا يهدأ العالم في العيش ويبقى حبيس صور الموت والدمار والتنكيل. ما نعيشه اليوم من تداعيات الجماعات الإرهابية المسلحة، يؤكد لنا أكثر من أي وقت مضى أن الإرهاب لم يكن بوسعه أن يكبر.. ولم يكن بمقدوره أن ينفذ في أقطار الأرض، لولا تواطؤ وتستر تمتلك بعض الأنظمة الدولية عواقبه وانتشاره، سواء عن طريق التمويل ودفع الفدية ودعمه بالسلاح، كما يحدث اليوم في سوريا والعراق، وما كان له أن يجند عناصره من مختلف الجنسيات ومن كل بقاع العالم، والأوطان لولا أن كشفنا خباياه، وأوقفنا زحفه في بداياته، لكان استئصاله جنبنا، ما نعيشه اليوم، خاصة في ظل ما يعرفه العالم من تطور تكنولوجي وتواصل رقمي، سواء عبر التواصل الاجتماعي أو غيره من الوسائل جد متطورة، لا يمكن للأجهزة الأمنية مراقبتها جميعا، لأنها تنفذ كخلايا سرطانية لا ينفع معها طول الحبل بقدر ما علاجها هو البتر. وهو ما تؤكده القواعد الخلفية ومعسكرات التدريب في سوريا والعراق وليبيا والنيجر والساحل الإفريقي، خلفها تتقمص عصابات الرق والأسلحة والمخدرات والنفط دورا لخزينة لا تنفذ، القاسم المشترك لهذه الجماعات هو الجريمة بشتى أنواعها.لم يشأ العالم أن يمسح دموع باريس ومسرح “باتكلان”، حتى أمسي على عملية إجرامية في قارة أخرى بعيدة عن أوروبا، إلى فندق “راديسون” بباماكو، أين عاش العالم بالصوت والصورة همجية التنظيمات الدموية التي تبقى تشتغل على الدين، لتضليل عناصرها، باعتبار هذا الأخير نقطة الضعف الكبيرة لدى الفئات المغرر بها. العملية الإرهابية تبنتها عناصر “الجهاد الإسلامي” بباماكو، خلفت العديد من الضحايا، وأعادت مالي إلى نقطة البدايات، بعد الجهود التي سعت الجزائر من خلالها لجعل نموذج المصالحة الوطنية ميثاقا بين الإخوة الماليين، تكون فيه وحدة مالي خط أحمر.أمام ما يحدث الآن في باماكو وقبلها في باريس، يحدث يوميا في سوريا ويحدث أيضا في العراق بعد تغلغل “داعش” الإرهابي إليهما وسيطرته على مدن ومحافظات، إلا أن الخطر الأكبر في بقايا التنظيم التي تتخذ من مدن ليبية قواعد خلفية ومراكز تدريب للمغررين، فهل ينسى الغرب مصالحه في إفريقيا ويتجند للقضاء على الإرهاب، أم يترك السرطان يكبر حتى يصل إليه، بعدما وصل باريس.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)