إذا كان الجزائريون يرمون ما قيمته 35 مليار سنتيم من الخبز في المزابل خلال شهر رمضان فقط، وما قيمته 50 مليار دولار من المادة ذاتها سنويا، مثلما ذكرته إحصائيات رسمية بالأمس، فإنه من حق الحكومة عندنا أن تنسف جميع ادعاءات المعارضة التي تقول إن الجزائر بلد غني بشعب فقير، ومن حقنا جميعا التساؤل أيضا، أيّ شعب هذا الذي يخرج إلى الشارع طلبا للحياة الكريمة وفي الوقت ذاته يرمي النعمة في المزبلة؟ من حقنا سؤالهم..من أنتم؟!!
• تقرير آخر تم نشره قبل أيام، يكشف أن شراء السيارات ارتفع أيضا في النصف الأول من السنة الجارية بشكل خيالي، ولعل الازدحام الكبير في الطرقات، بالمدن الصغرى قبل الكبرى، أهم دليل على صحة ذلك، كما أن السكنات الاجتماعية التي طالما تنادى المواطنون للحصول عليها وأحرقوا الأخضر واليابس في الشارع في سبيلها، بيّن تقرير للوزارة الوصية أن أكثرها تم تأجيرها بعد الحصول عليها، ما يعني أن المستفيدين منها لم يكونوا بحاجة ماسة إليها!
• هذه التقارير وغيرها، إن افترضنا جميعا أنها صحيحة، وكلام الحكومة عن العادات السيئة للجزائريين في الاستهلاك أيضا صحيح كما أن اتهام وزارة التجارة للمواطنين بالتسبب في ارتفاع أسعار الخضر والفواكه حقيقي، لكن في المقابل لماذا لا تخبرنا الحكومة عن نسبة هؤلاء الجزائريين الذين يرمون الخبز بالملايير في رمضان ومناطق تواجدهم جغرافيا حتى نكون على بيّنة من أمرنا ونتعرف على هوية المفسدين منّا وأعداء النعمة فينا؟
• إذا كان جميع الجزائريين شبعوا حتى امتلأت بطونهم وبرزت كروشهم، مثلما تقول تقارير الحكومة، كما أجرّوا سكناتهم الاجتماعية حتى يحصلوا على أخرى مثلما تزعم وزارة السكن، أو باتوا يتزاحمون على معارض السيارات حتى بعد توقيف "الكريدي" على غرار ما يقوله البعض، فمن هؤلاء الذين نراهم يتزاحمون على قفة رمضان بالآلاف؟ هل هم صوماليون يقطنون في بلعباس ووهران وتيسمسيلت وبشار وباتنة وعنابة وتندوف...؟ !
• من هؤلاء الذين تستمتع الحكومة سنويا بتوزيع القفف عليهم وكأنها تتباهى بفقرهم بين الدول أو تتبجح بكرمها الحاتمي الزائد في زمن الليبرالية القاسية واقتصاد السوق الذي لا يرحم؟
• من هؤلاء الذين يقتاتون من المزابل بشكل يومي وبدون حرج، ويرسلون أطفالهم إلى الشوارع والأسواق للعمل والتسول، ويحاصرون المساجد ويطرقون أبواب الشركات والمؤسسات والفيلات الفاخرة بحثا عن المال والصدقة؟
• من هؤلاء الذين يخرجون إلى الشارع بحثا عن العمل والكرامة المهدورة ويحرقون أنفسهم في الشوارع وأمام مقرات البلديات والولايات، ويرتمون من فوق العمارات والأعمدة الكهربائية ويشنقون أنفسهم على أغصان الأشجار وفي الغابات؟
• من يرمون الخبز لا يعرفون قيمة النعمة التي وهبها الله لهم، وليس الحكومة، لكن من يتبجح بخطيئة هؤلاء لتبرير عجزه عن معالجة الفقر تحت سلطته، ليس سوى كمثل من صدح بكلمة الحق عاليا وهو يريد من ورائها باطلا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 10/08/2011
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : قادة بن عمار
المصدر : 2011.08.09الشروق-