من أم درمان إلى أم الدنيا

الانتصارات الكبيرة التي حققها الفريق الوطني لكرة القدم كانت في فصلي الصيف والخريف لتترافق مع تاريخ الثورة التي بدأت في أول نوفمبر 1954 وانتهت باسترجاع الاستقلال في 5 جويلية 1962 وكأن الخضر يعيدون كتابة هذا التاريخ من جديد بخوضهم تلك المقابلات الصعبة وخروجهم منها فائزين وأكبر انتصار هو الذي حققوه يوم الجمعة الماضي في ملعب القاهرة بتفوقهم على فريق السنغال القوي والعنيد وافتكاك الكأس الأفريقية منه بحضور أكثر من عشرين ألف مناصر جزائري بعد الإنزال الجوي بالطائرات المدنية والعسكرية الذي قامت به الجزائر لنقل المشجعين.لقد كان المدرب القدير جمال بلماضي بقطر وجيء بطلب من الجمهور الجزائري بعد فشل المدربين السابقين وكانت الثقة فيه كبيرة رغم بعض الأصوات الشاذة التي انتقدت التشكيلة واختيار قطر للتحضير وشككت في قدرات العناصر الوطنية لكن الرجل كان يعرف ما يفعل وقد وضع الخطط وحدد الهدف بدقة وقال انه ذاهب للفوز بالكأس وأوفى بوعده وأعاد الفرح لكل الجزائريين الذين احتفلوا في كل مكان رجالا ونساء وأطفالا وغنوا ورقصوا حاملين الأعلام الوطنية في مشهد يذكرنا بأفراح الاستقلال في جويلية 1962 فكان النصر في معناه ومغزاه أكبر من نيل كأس أفريقيا قد أعاد الأمل والثقة والشعور بالعزة والكرامة للشعب الجزائري الذي يريد أن ينهض ويسترجع قوته وهيبته وأمجاده وهذا ما عبر عنه أشبال بلماضي بصدق الذين كانوا فرسانا في الميدان يحاربون بشجاعة وقوة يدفعهم حب الوطن ولإسعاد الشعب. والحقيقة أن فريقنا غالبا ما يفوز عندما تتوفر له الظروف ويلقى التشجيع ويرد على التحدي كما فعل في العاب البحر الأبيض المتوسط بالجزائر سنة 1975عندما تغلب على الفريق الفرنسي وافتك منه الميدالية الذهبية بعد فرض التعادل عليه في اللحظات الأخيرة من المقابلة. ومن المقابلات الفاصلة والصعبة التي خاضها محاربو الصحراء وخرجوا منها منتصرين مقابلة أم درمان بالسودان بين مصر والجزائر لتحديد المترشح لكاس العالم 2010 والتي جرت يوم 18 نوفمبر 2009 وفازت بها الجزائر بهدف لصفر والمهم أن الخضر غالبا ما ينتصرون في المقابلات الصعبة والحاسمة عندما تصادف ذكرى الاستقلال والثورة فيعيدون بطولات وأمجاد الآباء والأجداد