إن رغبة الإنسان في المعرفة، تعد قديمة قدم وجوده، لكن تاريخ الفلسفة يشير دائما إلى وجود مراحل أوفي مواضع أخرى إلى تحولات على مستوى هذه الرغبة. وهي ناتجة عن نزوع وجودي خاص يدفع الإنسان إلى فهم العالم من حوله، ويمكن الإشارة إلى هذا النزوع بمفهوم الفضول. ولعلنا نلمس مثل هذا الفضول في فكر الأنوار بشكل واضح وقوي لأنها فترة تمثل منعطفا ثقافيا هاما في تاريخ الفكر أو بمعنى آخر هي رؤية من نوع خاص وتعبير حقيقي عن التغيير. انطلاقا من معطيات الحاضر نحو المستقبل. ذلك أن أي رؤية ما هي إلا تجاوز فهي بحث عن الجديد الذي سيتم تجاوزه نحو جديد آخر. وهذا الانشغال لـيست غايته الامتلاك أو الإمساك بالحقيقة. بل هو يتضمن جملة من الإمكانيات التي تسمح للإنسان بالحركية والفاعلية داخل العالم.
ومن خلال بعض المواقف التي تجسدت في عصر الأنوار سواء مع التجريبية أو العقلانية، يمكن ملاحظة أن التحول الفكري لم يشمل فقط النظريات والتصورات بل حتى على مستوى اللغة والمفاهيم. حيث تم التخلص من اللغة التي أرستها ثقافة القرون الوسطى والتي لا تخلو من أساليب السلطة. ولعل مفهوم السلطة أخذ شكلا سكونيا وموجها جسدته التيولوجيا التي كانت تؤطرها الكنيسة. هذه الأخيرة لم تستحوذ على الحياة الثقافية فحسب، بل شملت كل الميادين والتفاصيل. لذلك كان التغيير شاملا. والفيلسوف ليس مجرد مبدع للأفكار النظرية والتعاليم، إنه يعطي المثال الحي عن الاستقلالية والتحرر، ذلك أنه قبل كل شيء مواطن حيوي ثم رجل فكر وتأمل في الدرجة الثانية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/09/2021
مضاف من طرف : einstein
صاحب المقال : - أسماء خديم
المصدر : مجلة المواقف Volume 1, Numéro 1, Pages 315-319