الجزائر

مليونية ''العدالة والقصاص'' في ميدان التحرير



لم يكن سهلا على الثوار في مصر التجمع في ميدان التحرير في حرارة الصيف، فقد قال بعض المحللين إن أحد أسباب نجاح الثورة أنها قامت في شهر جانفي في درجات حرارة أقل، ففي هذا الصباح بلغت الحرارة 04 درجة مئوية، لذا استخدمت القوى الثورية أساليب جديدة للتغلب على العائق المناخي، حيث يتركون تمثيلا رمزيا في الصباح للتأكد من غلق مداخل ومخارج الميدان الثمانية نهارا، وتبدأ مسيرات في الأحياء الشعبية بداية من الثانية ظهرا، وهي أيضا مسيرات رمزية، أما المسيرات الحقيقية فتنطلق في السادسة مساء، وتجوب الشوارع الرئيسية حتى تصل إلى الميدان، حيث تستمر السهرة إلى فجر اليوم التالي.
في داخل ميدان التحرير دولة أخرى يسميها رواده ''يوتوبيا'' أفلاطون أي مدينته الفاضلة، والتي تلتقي فيها كل المتناقضات، المسيحيون والإسلاميون المتشددون، الأغنياء والفقراء، مشجعو النادي الأهلي والزمالك، وجميعهم يتوحدون حول هدف واحد وهو إسقاط النظام، فهم في حالة غضب فاقت الحدود بعد تبرئة جمال وعلاء مبارك ومساعدي وزير داخلية مبارك الستة، ولا يخلو الميدان أيضا من المخبرين السريين التابعين للشرطة، الذين يكتبون تقارير وينقلون ما يحدث، وهؤلاء يعرفهم أبناء الميدان جيدا.
التلفزيون ممنوع في الميدان
هناك قائمة من الممنوعين لا يستطيعون الاقتراب من الميدان وعلى رأسهم التلفزيون المصري الذي يرفض الثوار الحديث معه، أو حتى الوقوف أمام كاميراته، فهم يشعرون بأنه يحاول الفتك بهم، ويسعى لإثارة الرأي العام ضدهم، كما منع الثوار أيضا محمد أبو حامد، عضو مجلس الشعب عن حزب المصريين الأحرار، من دخول الميدان لأنه أعلن تأييده لأحمد شفيق رئيسا للجمهورية. في مدخل الميدان مجموعة من الشباب يقومون بتفتيشك والتأكد من هويتك، وبأسلوب راق قائلين لك: ''نعتذر لك ولكن هذا من أجلنا جميعا''، بعدما تمر بالتفتيش ستجد صفين من الشباب ينشدون ''أهلا أهلا بالثوار.. مرحبا مرحبا بالأحرار.. نورتونا وأنستونا.. سآتي بكرة وأجيب جيراني''، بعدما تمر من هذا الطابور الترحيبي تصبح داخل ''دولة'' التحرير، ستجد هناك الكثير من الأشياء التي تستحق الاحتفاظ بها، كصور الشهداء وملصقات مكتوب عليها ''أنا ضد حكم العسكر'' أو ''لا للمحاكمات العسكرية ضد المدنيين''، أيضا ستجد من يبيع قناعا واقيا من الغاز خوفا من هجوم محتمل، أما إذا شعرت بالجوع فستجد ''الكشري'' وهي أكلة شعبيةمكونة من الأرز والعدس والمعكرونة والحمص ونوع خاص من الصلصة، بالإضافة إلى الثوم والخل، وهو يعتبر طعاما رخيصا ثمنه دولار واحد.
لمواجهة الخطر
يعتقد الكثيرون أن متظاهري التحرير يقفون فقط في الدائرة التي تصورها التلفزيونات، بل هناك عشرات الشوارع المحيطة والمؤدية إلى ميدان التحرير، لكن الكاميرات لا تستطيع تصويرها، وهناك آلاف الشباب يحصلون على راحة ويجلسون في المقاهي في الشوارع المحيطة، فمثلا شارع البورصة فيه ما لا يقل عن 40 مقهى شعبيا، وعدد المتظاهرين الذين يجلسون على هذه المقاهي بالآلاف يدخنون ''الشيشة''، ويرتشفون الشاي ويتناولون عشاءهم ثم يتوجهون إلى وسط الميدان.
ميدان التحرير.. ثوار يناضلون بلغة الفن
ويعيش ميدان التحرير أيضا على إيقاعات الفن المختلفة من فن تشكيلي ومعرض فناني الثورة ورسوم على الجدران لصور الشهداء، أو رسومات مبتكرة لوجه نصفه من أحمد شفيق والنصف الآخر من مبارك، وهناك فرق موسيقية لا تتوقف عن الغناء طوال الليل، وبعض العروض المسرحية، وتجد أيضا إذاعة الثورة، وهي منصة بسيطة فيها ميكروفونات يتم من خلالها توجيه فرق الحراسة التي تعمل بالتناوب لمدة أربع ساعات، وينظم المتظاهرون يوميا حلقات نقاشية حول الوضع السياسي في مصر والحل الأمثل للخروج من المأزق.
وبالموازاة، تستقبل اليوم جميع ميادين الحرية في مصر، عددا من الحركات الثورية والأحزاب السياسية، من بينهم حزب الحربة والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، في مليونية ''العدالة والقصاص''، للمطالبة بالعدالة والقصاص من قتلة الشهداء، والتنديد بالحكم الصادر بالبراءة لقتلة الشهداء من رجال الرئيس المخلوع، وتشكيل محكمة ثورية من قضاة مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة من تيار الاستقلال، لمحاكمة المتهمين، وسرعة تطبيق قانون العزل السياسي على الجنرال أحمد شفيق باعتباره مرشح ''الثورة المضادة''.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)