تمحورت مناقشات اليوم الثاني من ملتقى ''الفتوى وتحديات العولمة'' الذي تحتضنه مدينة تلمسان، حول الإشكالات و''الفتن'' التي تسببها فتاوى القنوات التلفزيونية على استقرار المجتمعات العربية.
ظهر جليا أن ''المؤسسة'' الدينية في الجزائر وكذا في العالم العربي الإسلامي، تبحث عن بدائل لما تنشره أكثر من 300 قناة تلفزيونية، تبث باللغة العربية، وتأسيس مرجعية مؤهلة للإفتاء تحقق توحيد الرأي الديني فيما يخص ''النوازل'' التي تطرح إشكالات اجتماعية، اقتصادية، سياسية وحتى عقائدية. ''النوازل'' هي المصطلح الفقهي المتداول في هذا الملتقى الدولي، والذي يدل على المستجدات من المسائل التي لا يوجد فيها نص صريح أو اجتهاد فقهي سابق، وهي التي تطرح مشاكل في التعاملات، منها مثلا مسألة ''الربا'' التي تحدث عنها الدكتور أبو عبد السلام. ففي الجزائر مثلا يدور نقاش حول ''شرعية'' التعامل بالقروض البنكية التي توفرها آليات تشغيل الشباب وعن موقف الشرع من نسبة ''1 في المائة'' التي يجب أن يدفعها المستفيد من القرض للبنك الذي يموّل مشروعه. وإن كان للدكتور أبو عبد السلام رأي واضح في الموضوع، فإن الدكتور محمد الحاج الدوش من قطر، طرح الإشكالية بمنهج آخر، عندما ربط ''مسألة الإفتاء بالنعت الذي يلاحق كل ما هو ديني إسلامي من طرف المنظومة العالمية السائدة، في الظرف الراهن والتي فرضت مرجعية ومستندية موحدة من الحكومة إلى اللباس. وبالتالي، فإن هذا التنميط صار يفرض نوعا من الترهيب على المفتي الذي تصنف المنظومة العالمية الجديدة اجتهاداته في خانة ''الإرهاب'' إذا لم تكن متوافقة مع أهدافها''. وتحدث الدكتور الدوش عن الرجوع إلى ''فقه الضرورة''. وبرر ذلك في مجال الاقتصاد مثلا بكون كل المنظومة المالية العالمية تشتغل بالقروض بفوائد، فلابد من إيجاد تخريج عصري يتوافق مع المبادئ الإسلامية ولا يضيع مصالح المجتمع والأفراد.
كما كانت مسألة تأثير وسائل الإعلام العصرية في الإقبال على الفتوى موضوع نقاش، بفعل احتلال ''نجوم الفتوى التلفزيونية'' لمكانة تفوق مؤهلاتهم العلمية والفقهية وصاروا ''مرجعيات تزاحم مؤسسة الإفتاء التقليدية''، مع ما يسبب ذلك من مشاكل في السلوكات الاجتماعية والفردية. وطرح الدكتور عبدالحليم قابة، منشط حصة فتاوى على الهواء في التلفزة الجزائرية، تجربته في هذا الميدان وقال ''إننا لا نفتي في التلفزيون، ولكننا نمارس نوعا من الإرشاد والتذكير وإصلاح ذات البين. وكنا نتمنى أن يتبوأ المكان الذي نوجد فيه علماء أكثر تأهيلا منا''. ولاحظ الدكتور قابة أن ''الانتقادات التي توجه إلينا قاسية وغير مؤسسة في بعض الأحيان'' وأقسم بالله أنه ''منذ عشر سنوات لم يتدخل أي أحد ومن أية هيئة في عملنا. ولكن تعلمنا من هذه التجربة أن الناس تبحث عن مرجعيات والإعلام يصنع هذه المرجعيات، وهو ما يدفعني إلى الملاحظة أن تأسيس هيئة متخصصة في تخريج المفتين صار ضرورة مستعجلة في بلادنا''.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 11/05/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : تلمسان: ل. بوربيع
المصدر : www.elkhabar.com