الجزائر

مكتبات تحول إلى " بيزيريات " و محلات ل " الفاست فود "ثقافة البطن تقضي على مستقبل المقروئية بوهران



مكتبات تحول إلى
في الوقت الذي تخصص فيه الدول المتقدمة مبالغ باهظة لبناء مكتبات هامة وتشييد منشآت أدبية راقية ، يجد القارئ ألوهراني نفسه أمام مكتبات مغلقة و دور نشر موصدة ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن التجار باتوا يمثلون الوجه الاجتماعي المسيطر الذي يسعى حاليا للتحكم في عالم التسويق ببلادنا ، فاستبدلوا الكتب بسندويشات وقطع من " البيزا " الساخنة ، وجهزوا المحلات بطاولات ملونة وكراسي بأشكال مختلفة ، بعد أن كان المكان شبه خالي لا تسكنه سوى مجموعة من الكتب القديمة و المجلدات العتيقة .. !! ،هي صورة مؤلمة ومؤذية عن واقع الثقافة بعاصمة الغرب الجزائري التي بات ينظر إليها على أنها فضاء للهو و الترفيه و السياحة لا غير ... !!.أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة حقيقية ، فمن الجلي أن أهم سبب وراء أزمة المقروئية بوهران هو انسياق أصحاب المحلات وراء مفاهيم الربح السريع دون الإهتمام بالخسارة الفادحة التي يمكن أن تضر بعالم الكتاب و مستقبل المقروئية بمجتمعنا ، فبعد أن كان للكتاب شأن كبير ، تضعضع هذا المقام واهتز بسبب برامج الغزو التكنولوجي ونقصد بها " الأنترنت "، التي ورغم مساهمتها الفعالة في إثراء المفكرة العلمية والأدبية للمواطن العادي وجعله يطلع بسهولة على مكنونات العالم بأسره ، إلا أنها بضاعة ثقافية زائفة سيطرت على عقول شبابنا بل وحتى على أطفالنا ، فليس من العدل أن ينشأ هؤلاء تحت مظلة شبكات التواصل الاجتماعي كالفايسبوك والتويتر، وتحت المواقع الإغرائية التي أفسدت شبابنا ، فبدل الانتفاع من العلوم ، نجدهم يسيرون مع أمواج التقليد السلبي و العصرنة الزائفة التي لا تسمن و لا تغني من جوع ،يأتي هذا في الوقت الذي تهترئ فيه الكتب على رفوف المكتبات تنتظر من ينتشلها من مستنقع الإهمال التي باتت تتخبط فيه في ظل ثقافة البطن من جهة وثقافة التكنولوجيا الكاسحة من جهة أخرى ...
فمهما قيل عن فوائد التكنولوجيا ومصلحة الباعة في تحقيق ربحهم السريع ، إلا أنه لا يمكن إنكار أهمية المكتبات ببلادنا و ضرورة تواجدها في كل شارع وفي كل حي ، لأنها تعمل لا محالة على إثراء المشهد الثقافي الجزائري وبناء حضارة ناصعة ، من شأنها تكوين جيل نافع ومتعلم تكون له مشاركة فعالة في بناء مجتمعه و مستقبله ، ، فالكتب هي الأقدر على رصد أفكار المجتمعات العربية والغربية ، وكشف عوالمها المتقلبة ومعاناتها التاريخية ، وهي الوحيدة القادرة على تشكيل اتجاهات القارئ و تلوين ميولاته الاجتماعية و السياسية .




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)