- مفهوم التداولية:

- مفهوم التداولية:
لغة: من الجذر"دول" يتداول تداولا ويقال تداولنا الأمر أي أخذناه بالدول وقالوا دواليك أي مداولة على الأمر، وتداولته الأيدي، أخذته هذه مرَة وهذه مرَة، وتداولنا العمل بيننا بمعنى تعاوناه فعمل هذا مرة وهذا مرة وقال داول الله الأيام إذا أدراها وصرفها .
والتداول تفاعل وكل تفاعل يلزمه طرفان على أقل تقدير مُرسل ومُستقبل، مُتكلَم وسامع أو مستمع ، كاتب وقارئ على معنى أن مدار اشتغال التداولية هو مقاصد المتكلَم وغاياته، وكيف تبلَغ مستمعا أو متلقيا ، وكل تداول تحكمه ظروف وآليات وعوامل تحيط به، فالترجمة لها ما يبرزها ويبدو أنها قد استقرت بالفعل على حساب "البراجماتية" أو "البراجماتيكية" وهما بالإضافة إلى "أعجميتهما" ربَما تؤديان إلى خلط بين المقصود في هذا البحث والمدرسة الفلسفية المعروفة بالنَفعية أو الذرائعية pragmatisme.
أمَا اصطلاحا فالتداولية "la pragmatique" هي دراسة اللَغة قيد الاستعمال أو الاستخدام، بمعنى دراسة اللغة في سياقاتها الواقعية لا في حدودها المعجمية أو تراكيبها النحوية.


هي دراسة الكلمات والعبارات والجمل كما نستعملها لا كما نجدها في القواميس والمعاجم و لاكما تقترحها كتب النحو التقليدية، خذ مثلا كلمة "شكرا" في لسان العرب "لابن منظور""عرفان بالإحسان ونشره "وفي استعمالاتنا اليومية تتجاوز الكلمة مجرد العرفان بالإحسان ونشره فتشنأ عنها معان جديدة ودلالات تتجاوز حدودها المعجمية الضيقة مهما اتسعت فلربما أوحت بالرَفض أو التهكم أو الضَيق .
ويمكن أن تعيَّن التداولية ، مكوَنا للغة بجانب المكوَن الدلالي والمكوَن التركيبي وقد جاء هذا المفهوم من تقسيم "شارل موريس" الثلاثي الذي كان يميَز في تطور كل لغة شكلية كانت أو طبيعية بين ثلاثة ميادين: التركيبية وتهمَ علاقة العلامات بالعلامات الأخرى ،الدلالية وتدرس علاقاتها بالواقع ، التداولية وتهتمَ بعلاقة العلامات بمستعمليها واستعمالها وآثارها، وبصفة أعمَ فنحن عندما نتكلم اليوم عن مكوَن تداولي أو حين نقول إنَ ظاهرة ما خاضعة لـ"عوامل تداولية" فإننا نشير بذلك إلى المكوَن الذي يدرس مسارات تأويل الملفوظات في مقام ما ، سواء تعلق بالقوة اللاقولية للملفوظ أو بكفالة المتكلم له أو بالضَمنيات التي يفسح مجالها أو بالروابط ...
وترمي التداولية باعتبارها فنَا إلى دراسة الظواهر الراجعة إلى هذا المكوَن التداولي: نحدد التداولية باعتبارها دراسة استعمال اللغة في مقابل دراسة النسق اللغوي وقد تطورت بصفة خاصة انطلاقا من أبحاث في فلسفة اللغة لـ "جون أوستين" حول أفعال الَلغة .
والتداولية باعتبارها علما جديدا للتَواصل يدرس الظواهر اللَغوية في مجال الاستعمال تقوم بدمج مشاريع معرفية متعددة في دراسة التواصل اللغوي وتفسيره حيث يقول "مانقونو" في حديثه عن التداولية