بقلم الدكتورة: سميرة بيطام*
توقفنا في الجزء الأول من مقالنا عن معركة تحرير الوعي عن ذكر مجموعة الدوافع التي تدفع بمثل هكذا معارك في وقت تعبر فيه الشعوب عن عطشها في تحقيق حلمها وهو العيش في سلام واستقرار وتطور وليس يثنينا في كتابة الجزء الثاني عن المنهجية التي ستؤطر معركة تحرير الوعي وهل هي واحدة أم متعددة باعتقادي أن المنهجية متعددة وليست واحدة وهي ستحتاج لجملة من القواعد والطرق التي لابد أن تكون مستقاة من وحي الخبرة والمعرفة والأخلاق فهي ليست معركة سلاح بقدر ماهي معركة أفكار ايجابية يجب انتقائها بدقة وتمييز تلك المناهج التي تتعدد وتتغير بحسب مطالب المعركة والتي ترتكز بالأساس على العقل وما يفكر فيه من أفكار سلبية وايجابية وما دور المعركة الا الدفع بالعقل لأن يفكر ايجابا فيما سينير درب صاحبه وهو يسعى نحو الخير والفضيلة للرقي بالأخلاق السامية التي هي عماد التغيير الايجابي ومخطئ من يعتقد أن التغيير يكون بالتغليط أو ببث البلبلة والأفكار المضببة والتي لا توحي بالصورة النيرة والحقيقية التي يريدها من يبحث عن الحقيقة تلك الحقيقة التي هي طموح كل شريف عادل مخلص لوطنه بالدرجة الأولى ولدينه ولمبادئه ولقيمه التي توحي من الوهلة الأولى أنها هي أساس وقوامة الدولة القوية ولا ضير في ذلك طبعا.
لماذا المناهج وليس الوسائل في معركة تحرير الوعي ؟:
ان هذا السؤال لهو لب المضمون في معركة تحرير الوعي للانتقال من نقطة المشكلة والصعاب والأمور الدخيلة على الفكر الناضج إلى نقطة الانفتاح والتبصر والادراك والفهم الصحيح لما يدور حولنا من مستجدات نجد أنفسنا كل يوم مجبرين على احتوائها او التكيف معها.
نعم المناهج وليس الوسائل لأن نجاح معركة تحرير الوعي يعتمد على الطريقة المتبعة لتحقيقها بغض النظر عن الوسيلة فهي آليا كامنة في عقل الانسان وما يحتويه من تصورات ومعتقدات وبالتالي التركيز يكون على المناهج المتبعة في ذلك وكيف سيكون التنوع ومتى أي زمان الانتقال من منهجية لأخرى ولسنا نعتمد في ذلك على المناهج الروتينية في الحوار المباشر فقط لا بد من اختيار الطريقة المثلى لإقناع من يستمع الينا ويجب في ذلك مخاطبة الوجدان الداخلي وليس العقل كمركز تفكير فقط فما يذيب جليد اللاتقبل لدى الانسان هو الصدق في التواصل مع الآخر واعتماد أسلوب كسب الثقة بالإقبال على عقله وقلبه بكل شفافية ومن غير لف أو دوران أو مزج الحقيقة بالضابية التي هي أكثر ما يكرهها الانسان النزيه والشريف وعليه يمكن اسقاط كلامنا على صدق واستجابة القيادة لمطالب الشعب التي أرادها من خلال حراكه وما بقي هو عنصر الثقة والذي يكتمل بعملية البناء التي يريدها مجسدة في مؤسسات وهياكل وطنه وعليه أن يكون مشاركا فيها وليس فقط طالبا لها لأن الرهان ليس فقط تغيير مناصب مسؤولين واحضار آخرين فهذا قد لا يغير من المعادلة شيء بل لابد من تغيير الذهنيات وطريقة التفكير في النظر إلى الوطن كأمانة وكمسؤولية وكعهد ندليه بأنفسنا أمام خالقنا وأمام من نتعامل معهم ومنه يكون الانتقال للمناهج الأخرى والتي تتأتى بكبر المهام والأهداف والمبتغى من المعركة ليخطو الانسان خطوات صريحة ليعرف مخططات العدو التي تعتبر معرقلا حتى لا تتم معركة تحرير الوعي لأنها معركة مهمة ومصيرية وعليها يتوقف الاستمرار في تكملة مشوار البناء فلسنا نعول فقط على تحقيق المطالب بحسب الرغبات دون أن نقدم تقييم عميق لأهم العراقيل التي قد تعترضنا في معركة تحرير الوعي خاصة وأن العدو يترصد ولا يتوقف عن كل محاولة من شأنها أن تنهي طموح شعب وكيان دولة فالمشروع عظيم وكبير وراق جدا ويجب الالمام بكل الآليات للوصول للنتائج المبتغاة وبلا خسائر وان وجدت فعلى الأقل تكون بسنبة ضئيلة .
مضمون محور التحول بين الحقيقة والرهان:
لعل فكرة التحول هنا نقصد بها هي أهم محتوى للخطة التالية في الانتقال من ظرف المطالب والوعود والرغبات إلى ظرف التجسيد والتمكين والانجاز وهذا المضمون هو لب المعركة وأساسها ويجبأن يختار القائمون بالقيادة لهذه المعركة الآليات الواقعية أقول الواقعية والتي تتوافق مع ميدان المجتمع والمهنة والموجودات فلا يمكن تصور غياب بنى تحتية لمؤسسات دولة قوية والطموح يكون عالي المستوى في الالحاح على الانتقال من رتبة الرقي الريادة مثلا فهذا ضرب من الخيال ويعتبر مضمون التحول هنا لا يتوافق مع الواقع وما هو موجود بين أيدينا وفي فكرنا وطموحنا اذا لا بد من الاعتماد على الواقعية والموضوعية والموازنة بين هذا وذاك حتى لا نفقد المواطن المزيد من الثقة فما هو أحوج اليه اليوم هو لمسة صدق وصراحة أكثر من الانجاز في حد ذاته وعليه ركزت على عنوان المنهجية ومضمون التحول لأن هذا المنعرج مهم وحساس وحتى يمكنني القول أنه خطير لبناء التالي والموالي من الطموح فكلما ارتقى السلم ارتفعت ضريبة النجاح والرغبة لن تتوقف عند مجرد تحقيق نصف المعركة بل لابد من تمامها لتحقيق تكامل في الطرح والتصور والنتائج ثم بعدها تأتي نقطة الانتقال إلى مسألة العدو بكل مخططاته حتى لا يفسد مشروع معركة تحرير الوعي سواء بوسائل السوشل ميديا أو الاعلام أو الدعاية المغرضة أو الاشاعة كلها أساليب تستعملها الدول المستعمرة والتي تحب أن تبقى مستعمرة خدمة لمآربها ومصالحها فهي لن تتوقف عن بذل المزيد من الجهد من أجل ايقاف عجلة النمو التي نادت بها معركة تحرير الوعي فلا نستهل كلامنا ببرنامج ونتوقف عند مثبطات فهذا لا يليق بمساعي شعب ودولة وقانون وبرنامج ورزنامة وقت فالكل متعاون ومتحد ومتفاهم للسير على وتيرة واحدة دون الاخلال بنظام التريث والحكمة والتعقل ازاء العراقيل والمحبطات ولابد من توفير عامل التحفيز كزاد مقو للعزيمة والذي مصدره يكون من ذاك الايمان القاطع أن ارادة الشعوب تصنع المعجزات وكفاءة الدولة تحقق النصر والمراد والغاية السامية وهي الحفاظ على الوطن كهدف أسمى يليه تحقيق طموح الشعب الذي حماه الدستور وزكته الارادة الشعبية ..ثم تأتي نقطة التحول الكبرى للمعركة وهي الانتقال لتحرير القضايا المقدسة وأولاها قضية فلسطين التي ستكون مسك الختام لمعركة تحرير الوعي وهذا يحتاج إلى مقال منفرد وكلام مطول عنها سنتركه في أوانه بإذن الله تعالى.
* مفكرة وباحة في القضايا الاجتماعية
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/06/2021
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com