كثرت هذه الأيام النداءات التي تدعو ''المجتمع المدني'' للمساهمة في تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في التشريعيات، وإقناعهم بأهمية هذا الموعد الذي شبهه الرئيس بالفاتح نوفمبر. ويبقى التساؤل مطروحا حول مدى جدية هذه النداءات التي يعلم أصحابها أنهم عملوا على مدار السنوات على تهميش وتحييد وقمع هذا المجتمع المدني، وقضوا عليه بشكل يكاد يكون نهائيا.
لقد عملت السلطة على غلق الأبواب في وجه الجمعيات الجادة التي حاولت الإسهام في تسيير الشأن العام، ولعب دور الواسطة بين الحاكم والمحكوم، ولم تفتح الأبواب سوى لتلك التي قبلت بأداء دور لجان المساندة، تستعملها عند الحاجة من أجل التطبيل والتهليل للقرارات والإجراءات التي تتخذها في شتى المجالات. ونحن في الصحافة نعرف أن ''الوقاحة'' وصلت ببعض أشباه الجمعيات إلى إصدار بيانات دعم ومساندة لرؤساء دوائر وبلديات وولاة في مواجهة سخط المواطنين واحتجاجاتهم على مشاكل السكن والشغل وممارسات المحسوبية والرشوة. إن هذا النوع من الجمعيات، وهو يشكل الأغلبية الساحقة من الجمعيات التي بقيت في الساحة، فاقد للمصداقية ولا تأثير له في الواقع، ولا يستطيع نجدة السلطة في هذه الظروف، لعدم حيازته على الامتداد الشعبي الضروري لذلك، ومنه فإن النداءات المذكورة لا جدوى منها وأصحابها يدركون ذلك.
إن المجتمع المدني الفعال الذي يمكن أن يعوّل عليه عند الحاجة، هو ذلك الذي يتبنى انشغالات المواطنين أو الفئة التي يمثلها، ويتمتع بالفكر النقدي الذي يسهم في تقدم الأشياء، وهذا النوع من الجمعيات لم يكن يوما مقبولا لدى السلطة، التي افتعلت أمامه كل أساليب العرقلة، بدءا من رفض الاعتماد إلى منع المساعدات بكل أشكالها، بل وحتى تلك الجمعيات التي حاولت تدبر أمورها لتمويل نشاطاتها أغلقت كل الأبواب أمامها، ذلك أن مسؤولينا لا يقبلون من يشاركهم الرأي، ولا يتقبلون الانتقادات، ويعتبرون من يخالفهم الرأي عدوا لهم، وأحيانا عدوا للوطن، ولابد من تحييده وإقصائه، لأن الكثير منهم يتصرف وكأنه مسيّر مزرعة خاصة وليس شأنا عاما.
إننا أمام أوضاع معقدة ناتجة عن تراكمات سوء التسيير وغلق فضاءات التعبير والمشاركة في الشأن العام أمام الطاقات الخلاقة للمجتمع، ولا يمكن اليوم، وبهذه البساطة، دعوة المجتمع المدني للمساهمة في تحسيس المواطن بأهمية المشاركة في الانتخابات، بل يجب البحث عن أساليب جديدة تقنعه بصدق نية التغيير.
chaabanezerrouk@yahoo.fr
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/03/2012
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : شعبان زروق
المصدر : www.elkhabar.com