الجزائر

مطلب يلقى الإجماع والإرادة في غياب التوثيق المادي



مطلب يلقى الإجماع والإرادة في غياب التوثيق المادي
لا يختلف اثنان أن مطلب كتابة التاريخ الوطني بكل مراحله وتفاصيله المثيرة والأليمة في أغلب فصوله منذ بداية الاحتلال الفرنسي سنة 1830 إلى يوم الاستقلال 5 جويلية 1962، تحول إلى مطلب وطني وشكّل الإجماع بين مختلف الهيئات الرسمية كوزارة المجاهدين والنخبة من المجتمع ونقصد هنا الأكادميين والأساتذة الباحثين المتخصصين في الكتابات التاريخية، لكن السؤال المطروح ما الذي يمنع لحد الآن من مباشرة هذه المهمة النبيلة على الأقل اختزالا للوقت قبل رحيل صناع التاريخ من مجاهدين وفدائيين الذين رحل الكثير منهم ومعهم إرث كبير لا يمكن للأجيال القادمة الاستفادة منه؟.ربما هو سؤال منطقي قد يتبادر إلى ذهن كل شخص بما فيه المجاهدين الذين لا يزالون على قيد الحياة ويتكرر خلال كل مناسبة مهمة كمناسبة ذكرى ثورة أول نوفمبر أو عيد الاستقلال عن أسباب عدم الانطلاق الفعلي في تدوين التاريخ الوطني بأقلام وشهادات جزائرية للتخلص النهائي من عبئ المدرسة الفرنسية وما قامت به من تشويه متعمد للثورة التحريرية ورموزها ونقل الأحداث التاريخية بطريقة ذاتية تعبر فعلا عن وجهة نظر المستعمر الذي يواصل تعنته في وصف وجوده طيلة 130 سنة بالجزائر وجودا إيجابيا لنقل التمدن والتحضر للشعب الجزائري وغض الطرف عن الجانب المظلم الهمجي نظير ما اقترفه من جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية وحتى هدم أركان دولة كانت بمثابة الأمر الناهي في البحر المتوسط.هذا السؤال المحوري أو بالأحرى الإشكال طرحناه على أستاذ التاريخ حسين عبد الستار بمناسبة نزوله لتقديم محاضرة بأمن ولاية بومرداس، عشية الاحتفال بالذكرى ال62 لثورة أول نوفمبر المجيدة، فكان موقف الأستاذ بالفعل مع فكرة التعجيل بكتابة التاريخ الجزائري بأقلام جزائرية، لكنه وصف العملية على شاكلة مهمة البناء الذي لا يمكنه الانطلاق في تجسيد مشروع بناية في حالة غياب المواد الأولية الأساسية وبالتالي لا يمكنه الانطلاق من فراغ وقال»نحن بالفعل بحاجة لكتابة تاريخنا خاصة تاريخ الذاكرة أو التاريخ الاستشرافي لأنه يمثل مناعة فكرية، ثقافية ولغوية للمجتمع الجزائري والأجيال القادمة، كما أن تاريخ الجزائر وعكس بعض الكتابات لم يبدأ من سنة 1830 تاريخ بداية الاحتلال لأن الشعب الجزائري جاهد لأزيد من 4 آلاف سنة عبر مختلف الحقب والحضارات المتعاقبة وعليه يعتبر من أكثر الشعوب جهادا ومقاومة حفاظا على وجود الأمة ورفضا للمستعمر».وأضاف الباحث عبد الستار»الجزائر اليوم بحاجة إلى كتابة التاريخ بشكل عام لكن تبقى من أهم الكتابات هي كتابة وإعداد سجل الممارسات القمعية لجيش الاحتلال الفرنسي ومختلف أشكال الإبادة الجماعية والتعذيب بهدف توثيق هذه الجرائم استعدادا للمحاكمة والمطالبة بالاعتذار والتعويض».وفي سؤال عن كيفية تحقيق هذا المطلب وأسباب التماطل في مباشرة عملية كتابة التاريخ وجمع الوثائق والمستندات، أكد الباحث «أن الإرادة موجودة لدى جميع الأطراف الرسمية، النخبة، المجاهدين وغيرهم، لكن الإشكال المطروح حاليا لا يمكن الشروع في كتابة تاريخ الجزائر المعقد والمتشابك دون مادة أولية على رأسها الأرشيف، اليوم الجزائر تحوز فقط على 2 ٪ من أرشيف الثورة حسب تصريح وزير المجاهدين والبقية موزع بين مركز الأرشيف الوطني بباريس واكس بروفانس بمارسيليا وغيرها رغم وجود مفاوضات بين الجانب الجزائري والفرنسي لاسترجاع أرشيف الثورة وجماجم زعماء المقاومة الشعبية الموجود بالمتحف الطبيعي للإنسان.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)